وعلى هذا نستطيع القول: بأن اجتهادات الناس التي وضعت لإصلاح حياة أمة بعينها، مِمّا اصطُلِحَ عليه فيما بعد دينًا وضعيًّا، إنّما هي نتاج عقل في موروث جمع بين حق آثار وبقايا دين صحيح وباطل، مما أسفر عنه تدخل العقول في النصوص والتحريف لهذا الدين باتباع الأهواء؛ فكان هذا المزيج وإن كان لاعتبار نسبته إلى إنسان معين؛ عرفناه بأنه دين وضعي.
كذلك الرِّسَالاتُ السَّماوية، مثل اليهودية والنصرانية مثلًا؛ فهي سماوية باعتبار أصلها، لكن واقعها كما هي اليوم بأيدي أربابها نجد فيه أمارات التحريف والكتمان، والزيادة والتغيير؛ كما ثبت ذلك، أعني فيها إمارات للوضع، وإن كانت باعتبارها وحيًا صادقًا، ودينًا سماويًّا صحيحًا؛ فهي بنصوصها شيء آخر.
وخلاصة القول: فإن العلماء اصطلحوا على تقسيم الأديان إلى:
سماوية: وهي ما نُسبت إلى الله وحيًا لرسله.
ووضعية: وهي ما نُسبت إلى الإنسان، ولكن تبقى الدراسة رهينة تحقق دلائل الصحة للسند، والسلامة للمتن للحكم على المضمون والنص، كما أن الفروق بين السماوي والوضعي على هذا الاعتبار يَحْكُمها صفات تنسب إليه، فما لله ذاتي كامل أبدي أزلي، وما للإنسان مكتسب ناقص زائل حادث.