في الدور الثالث: ينتقل الزوج والزوجة من العلائق العائلية، للانصراف إلى الخدمة الاجتماعية والاهتمامات العامة، دون أن يكون لهما أي غاية شخصية أو منفعة مادية أو طموحات فردية.
ويتوج الدور الرابع المراحل السابقة، إذ يتحول البرهمي من الأمور الشخصية والأسرية أو العائلية، والاجتماعية العامة، إلى ترك أمور الدنيا ومشاغلها، وينصرف إلى الرياضة الروحية، وإعداد نفسه للذوبان بالروح المطلق أو براهمة.
إن الأدوار أو المراحل التي أشار إليها "البروفيسور أترية"، حول الحياة الروحية والاجتماعية للبراهمي، تكشف عن أحوال الترقي التي يمر بها البراهمي، من خلال الذوبان الكلي في شئون كل مرحلة من مراحل العمر، في المرحلة الأولى اهتمام صريح بشئون الذات الشخصية، من حيث هي بنية وحواس وقوى، وقوى جسدية وعقلية في علاقتها مع العالم المادي الخارجي، مما يتيح الفرصة للكائن أن يحقق وجوده الكامل، كفرد وكشخص أو الأنا الفردية، في بعدها الوجودي المعاش أو الحاضر، وغايتها حفظ الكائن وسلامته الشخصية، ثم المرحلة الثانية مرحلة بناء الأسرة، فهي إعداد الكائن في استمراره من خلال ذريته وتقديسه، وإقامة الطقوس عن روحه بعد الممات وتقديم القرابين.
وبعد مرحلتي تثبيت الوجود وحفظه، وتأكيد الديمومة والاستمرار في الذرية، وكلاهما المرحلة الأولى والثانية، تكشفان عن البعد الذاتي أو طغيان الأنا الفردية، في حين أن المرحلة الثالثة، تبرز الأنا في سعيها للذوبان في الكائن الاجتماعي، بعد الاطمئنان والشعور بالتوازن الداخلي في المرحلتين السابقتين.
تأتي المرحلة الرابعة حيث يتحقق للأنا الفردية والاجتماعية، إمكانية الذوبان والاتحاد في براهمة الكائن المطلق أو الوجود المطلق، وهكذا تكون المراحل أو الدورات درجات للترقي،