وترقي الكائن البشري المخلوق، يكمن في حركة العودة إلى الكائن المطلق الخالق والموجد.
إن التأمل يشكل حلقة أساسية من حلقات الترقي البشري، لكن السلوك لا يقل أهمية في الإعداد لعملية الذوبان في اللامتناهي والمطلق، لذلك حددت العقيدة الهندوسية، شروط السلوك الصحيح لبلوغ الغاية المنشودة، وقهر الذات التغلب على شهواتها، من أهم الأمور التي شرططها العقيدة، وعملية قهر الذات تكون بالزهد، وهو على درجات تتناسب والمراحل الأربعة، التي يمر بها الكائن البشري.
ومما جاء في شريعة "منو" وفي كتاب "يوغا وأسستج"، حول قواعد الزهد وغاية الحياة: "إن الجسد لا خير فيه، إنه محل للعاهات، ووعاء لسائر الآلام وهو سائر إلى الانحلال، تتصف الطفولة بالعجز والضعف، وعدم القدرة على الكلام والتجرد من العلم، ليس الشباب إلا كومضة برق تخطف أبصارنا، ثم لا تلبث أن تختفي، مفسحة الطريق للشيخوخة وقساوة متاعبها، ما الحياة إلا كنور السراج الموضوع في الخلاء، تلعب به الريح من كل جهة، وما بهاء الأشياء كلها إلا كومضة برق، تنير لحظة ثم تختفي ولا تعود مرة ثانية، الرغبة فينا متأرجحة دائمًا وقلقة كالقرد، والنفس لا تشبع أبدًا ولا تقنع بما ملكت اليد، ولا تزال متطلعة إلى ما لم تملكه، وكلما أشبعتها زاد جوعها وطلبت المزيد، وعظم طموحها لذلك، اجعل طعامك مما تنبته الأرض وتثمره الأشجار، ولا تقطف الثمر بنفسك، بل كل منه ما سقط من الشجرة من ذاته.
وعليك أن تصوم يما وتفطر يوما، وابتعد عن أكل اللحم وشرب الخمر، عود نفسك على تقلبات الطقس، وتعرض للشمس المحرقة، واجه المطر الشديد في