للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(ب) تحري الصدق والدقة في مصدر المعلومة، والتثبت من ذلك، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الرجل يصدق، ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا. . .» (١) .

فتحري الصدق مطلوب في نقل الخبر، وفي التحدث به، وهو من صفات الصديقين.

(ج) ومن هذا التحري أن لا يأخذ الخبر إلا من مصدر معتمد موثوق، ولا يقتصر في ذلك على ما تنشره الصحف أو الإذاعات المرئية أو غير المرئية، ولا على أي شخص كان، فإن " معظم مواقف الناس- مع الأسف- لا تبنى على ما يحدث فعلا، بل على تفسيرهم لما يحدث " (٢) .

(د) التنبه إلى تقاعس شروط التوثيق في زماننا، وقصور صفات العدالة والضبط عند معظم الناس، وان أدق منهج عملي لتمحيص الروايات هو ما أصله المحدثون في هذا المجال، فينبغي أن يجعل منهجا عاما لقبول الأخبار أوردها [فربما كان الراوي من أهل العدالة والصلاح، فإن المحدثين لم يكتفوا في هذا بظاهر عدالة الراوي وصلاحه وورعه، بل اشترطوا أن يكون إلى جانب ذلك يقظا غير مغفل، ضابطا لما يروي صائنا لما يكتب عن الزيادة أو النقص، وقد ردوا أحاديث أناس من أهل الصلاح ممن لم يتوفر فيهم شرط الضبط والإتقان، وربما كان بعضهم قاضيا، أو مؤرخا، أو فقيها، أو مفسرا، ولكن لا يؤخذ بخبره في الرواية لعدم ضبطه] أو على ضوء هذا المنهج ينبغي أن يفهم قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ} [الحجرات: ٦] الآية [الحجرات- ٦] .

فالأمر بالتبين في خبر الفاسق لا يعني قبول خبر العدل على إطلاقه، فإن الفاسق- وهو الساقط العدالة- لا يقبل خبره ولو كان ضابطا، وكذا العدل لا


(١) أخرجه البخاري (الأدب- ٦٠٩٤) ، ومسلم (البر والصلة- ٢٦٠٧) من حديث عبد الله بن مسعود.
(٢) الاتصال الجماهيري والمجتمع الحديث (ص ٧٧) .

<<  <   >  >>