للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقبل خبره إذا لم يكن ضابطا، وخبر معظم الناس في زماننا هذا هو من قبيل خبر المستور لتعذر الخبرة الباطنة في حقهم.

وإذا تضمن الخبر الطعن في معلوم العدالة، كان الاحتياط أشد في رده وعدم قبوله.

وإذا تأملت كثيرا من الإشاعات تجد أنها تبدأ "خبرا صحيحا تماما، فإذا تناقله الناس زادوا عليه من خيالهم حتى يغدو مشوقا مثيرا، فما إن يمشي خطوات حتى يغدو ككرة الثلج لا تزال تتزايد كلما دحرجتها (١) .

وربما وقع الشك في الخبر لأسباب في المخبر غير قادحة في عدالته، لكنها مانعة من قبول خبره، كما يقع بين الأقران والمتعاصرين بسبب عداوة دنيوية، أو معاصرة، أو تأويل، أو وهم، وما شابه ذلك.

ومن هنا فإنه يتعين على الخطيب ديانة التحري عن مصدر المعلومة أو الخبر، وكيف نشأت، ثم التحري عن ناقل المعلومة، أو من يوصل إليه الخبر، مدى ضبطه، عدالته، كيفية تلقيه لهذه المعلومة، إذا كان يريد أن يطرحها على الناس.

ثم على الخطيب أن يحسن التعامل مع هذه المعلومة أو هذا الخبر، فإنه ربما كان الخبر صحيحا تماما لكن المصلحة الشرعية الراجحة تقتضي عدم نقله، أو إخبار الناس به، لما يترتب على ذلك من أسباب تجر إلى الفتنة، وتفتح أبوابا من الشر يصعب إغلاقها.

وليعلم الخطيب أن من أهم مسئولياته التثبت من الأخبار، وتمييز سقيمها من صحيحها، وما يصلح منها أن يذاع على الناس وما لا يصلح، فإن الخطبة ليست كلاما يقال لا يعرف قبيله من دبيره.

ومن التثبت المطلوب أيضا التثبت في عزو أي قول إلى قائله سواء أكان قديما أم معاصرا، وسواء أكان ما يعزوه رأيا سياسيا، أم فقهيا، أم طبيا، وليتثبت من


(١) الإشاعة، د. أحمد نوفل (ص ٥٩) .

<<  <   >  >>