للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الحافظ ابن حجر في شرح كلام علي رضي الله عنه: " بما يعرفون " أي: يفهمون، وزاد آدم بن أبي إياس في كتاب العلم له: "ودعوا ما ينكرون " أي: يشتبه عليهم فهمه، وكذا رواه أبو نعيم في المستخرج (١) .

وفيه دليل على أن المتشابه لا ينبغي أن يذكر عند العامة، ومثله قول ابن مسعود: "ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة" رواه مسلم (٢) .

قال: وممن كره التحديث ببعض دون بعض: أحمد في الأحاديث التي ظاهرها الخروج على السلطان، ومالك في أحاديث الصفات، وأبو يوسف في الغرائب، ومن قبلهم أبو هريرة، ونحوه عن حذيفة، وعن الحسن أنه أنكر تحديث أنس للحجاج بقصة العرنيين، لأنه اتخذها وسيلة إلى ما كان يعتمده من المبالغة في سفك الدماء بتأويله الواهي.

وضابط ذلك أن يكون ظاهر الحديث يقوي بدعة، وظاهره في الأصل غير مراد، فالإمساك عنه عند من يخشى عليه الأخذ بظاهره مطلوب. اهـ (٣) .

وعن عروة بن الزبير: " ما حدثت أحدا بشيء من العلم قط لم يبلغه عقله إلا كان ضلالا عليه "، وعن أبي قلابة: "لا تحدث بحديث من لا يعرفه، فإن من لا يعرفه يضره ولا ينفعه " (٤) .

وقد قال الله تعالى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت: ٤٣]

قال ابن جرير: وما يعقل أنه أصيب بهذه الأمثال التي نضربها للناس منهم الصواب والحق فيما ضربت له مثلا إلا العالمون بالله وآياته (٥) .


(١) فتح الباري (١ / ٢٧٢) .
(٢) مسلم (المقدمة / ١١١) .
(٣) فتح الباري (١ / ٢٧٢) .
(٤) رواهما ابن عبد البر في جامع بيان العلم (ص ١٦٧) .
(٥) تفسير ابن جرير (١٠ / ١٤٤) .

<<  <   >  >>