ألا ترى أن القصة في أحداثها وعبرتها تصلح أن تكون تذكارا صارخا في كل جيل لأولئك الذين بطروا نعمة الله، وبدلوها جحودا وكنودا، وما نقموا إلا أن أغناهم الله ووسع عليهم من فضله، وبسط لهم الرزق، فأمسكت أيديهم، وشحت قلوبهم، ومنعوا حق الله عباد الله، وأخفوا الشر ومنعوا الخير.
إنه نموذج من الكنود البشري المتكرر، تصلح له هذه التذكرة القرآنية في كل عصر، وهكذا كل القصص القرآني، فإنه يصلح أن يكون عظة بليغة وتذكرة حالة إذا أحسن ربطه بالواقع، بأسلوب موجز، وعرض محكم.
واقع الآخرين: ومما يحسن الاستشهاد به في الخطبة، وتنويه الخطيب به بين الحين والحين ما يزخر به واقع غير المسلمين من تناقضات، وما يعصف به من فساد وموبقات، وآثار مدمرة في المجالات الصحية، والاجتماعية، والاقتصادية، تتمثل في الأمراض الجنسية الفتاكة، وجرائم القتل، والاغتصاب، والسرقة، وترويج المخدرات، وتفكك الأسرة، والروابط الاجتماعية، وغير ذلك مما يصلح أن تكون كل جزئية منه مدارا لمضمون خطبة، ومحورا للتوجيه والتذكير، واستخلاص العبر، ولكن ليحذر الخطيب في هذا المجال من التهويل والمبالغة، والإفراط في وصف تلك المجتمعات، والاعتماد في استقاء المعلومات، والإحصائيات على مصادر غير موثوق بها، أو جهات غير معتمدة.
وليكن قصده بيان عظمة الإسلام ونعمته، وسلامة المجتمع الإسلامي من أمراض الانحراف والشذوذ، والإيدز، وغير ذلك مما تعاني منه المجتمعات الكافرة والخارجة على دين الله تعالى المتمردة على شرائعه، وليست مهمة الخطبة إيصال المعلومات الجديدة للناس، بقدر ما هي تفعيل للسامعين، وتحريك لنفوسهم ثم الانتقال بهم من حال التأثر إلى التغير والإصلاح.