للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى: {فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: ٦] أمهلوا حتى تعرفوا صحته لا تعجلوا بقوله، وكذلك معنى فتثبتوا (١) .

وقال أبو حيان رحمه الله: أمر يقتضي أن لا يعتمد على كلام الفاسق، ولا يبنى عليه حكم (٢) .

قال ابن كثير رحمه الله: يأمر تعالى بالتثبت في خبر الفاسق ليحتاط له، لئلا يحكم بقوله فيكون الحاكم قد اقتفى وراءه، وقد نهى الله عز وجل من اتباع سبيل المفسدين، ومن هاهنا امتنع طوائف من العلماء من قبول رواية مجهول الحال لاحتمال فسقه في نفس الأمر، وقبلها آخرون لأنا إنما أمرنا بالتثبت عند خبر الفاسق، وهذا ليس بمحقق الفسق لأنه مجهول الحال (٣) .

وواضح من كلام العلماء أن الراوي لا يحذر من خبره لفسقه فقط، بل إن الأمر يقتضي ذلك أيضا في حال كثرة الخطأ، وكثرة الوهم، وعدم الضبط، لذلك قد يوصف الثقة عند المحدثين بالوهم، وإنما خص الفاسق بالذكر لأن خبره قد يكون أشد عماء وأعظم خطرا من غيره، والحذر لا يعني تمدد أثر الشك ليصبح هو الأصل في كل خبر، ويصبح التشكيك في كل مخبر هو الأصل. " ومدلول الآية عام، وهو يتضمن مبدأ التمحيص والتثبت من خبر الفاسق، فأما الصالح فيؤخذ بخبره، لأن هذا هو الأصل في الجماعة المؤمنة، وخبر الفاسق استثناء، والأخذ بخبر الصالح جزء من منهج التثبت لأنه أحد مصادره، أما الشك المطلق في جميع المصادر، وفي جميع الأخبار فهو مخالف لأصل الثقة المفروض بين الجماعة المؤمنة (٤) .

ب- تنقية هذه القصص الوقائع وتمحيصها، ليصل إلى ما يصلح منها لأن


(١) جامع البيان في تأويل القرآن (١ / ١٣٨٣) .
(٢) البحر المحيط (٨ / ١٠٩) .
(٣) تفسير القرآن العظيم (٤ / ٢٠٩) .
(٤) في ظلال القرآن (٦ / ١ ٣٣٤) .

<<  <   >  >>