يعيش الإنسان لنفسه وحسب، لا يبالي بمشكلات الآخرين، بل لا يبالي لمشكلات جيرانه، وإخوانه، والأقربين منه، وربما اعتقد أن الأمر لا يعنيه، وتركه من حسن إسلامه، وبذلك ضاقت مساحة الإصلاح في المجتمع وتقلصت وظيفة الأمر بالمعروف والتناصح والتعاون على البر والتقوى، واتسعت مساحة الصمت، وعدم إنكار المنكر، والتهيب من المناصحة والتذكير.
غير أن الخطيب عندما يتعرض لذكر مثل هذه القصص، والأحداث، والوقائع ينبغي أن يتنبه إلى أمور مهمة حتى لا يكون لذلك آثار سيئه، وانعكاسات ضارة تفسد بدل أن تصلح، ومن هذه الأمور:
أ- التثبت الشديد، والتوثق الأكيد من وقوع القصة أو الحادثة، ولا يكفي أن يسمعها من بعض المصادر أو من بعض الأشخاص الذين لا يعرف مدى ضبطهم وإتقانهم، وحرصهم على التثبت من الأخبار، فإن مخالفة بعض هذه الأخبار والحوادث للواقع، أو مجانبة بعض تفصيلاتها للحقيقة من شأنه أن يزلزل ثقة الناس بأخباره ونقوله، مما ينعكس على خطبه، ودروسه، ومواعظه.
إن التثبت من النقل والأخبار منهج إسلامي أصيل يجب أن يراعيه المسلم في علاقاته المختلفة، وعلى الأخص الخطباء، والدعاة، والوعاظ، لأن دائرة النشر لديهم أوسع من غيرهم، والجمهور المتلقي منهم أكبر من غيرهم.
إن الخطيب، أو الداعية ليس " قرص أسطوانة " أو " شريطا " يسجل عليه الناس شائعاتهم، ومقولاتهم، وقصصهم كيف كانت، لتعميمها من خلاله على الناس فلا يصح أن يقبل الخبر على علاته، ولا يقبله من كل من دب ودرج، فيجمع في كلامه بين الأروى والنعام، بل يجب عليه أن يتحرى فلا يقبل الخبر إلا من الثقة، الضابط المأمون، والدليل لهذا الأصل وهذا المنهج الإسلامي قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}[الحجرات: ٦] قال ابن جرير رحمه القه: قول الله