للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الأول

قصر الخطبة وطولها إن الخطبة المؤثرة ينبغي أن تتصف بصفات، وتشتمل على مقومات، ومنها قصر الخطبة، غير أننا لا نستطيع أن نحكم على الخطبة بالجودة والتأثير لمجرد كونها قصيرة وحسب، أو نحكم عليها بالفشل لكونها طويلة فحسب، فإن قصر الخطبة وطولها أمر تحدده عوامل كثيرة، وتدعو إليه أسباب متنوعة، وربما وصفت الخطبة بأنها جامعة مؤثرة مستوفية لموضوعها، مع كونها قصيرة لم تتجاوز دقائق معدودة، وربما وصفت بذلك مع كونها طويلة تجاوزت الوقت المعتاد لمثلها، وإن من العوامل التي تتحكم في وقت الخطبة طولا وقصرا:

- طبيعة الموضوع الذي يتناوله الخطيب، وأهميته بالنسبة للمخاطبين، وكونه مما يحتاج إلى البسط والإيضاح، أو يكفي فيه الاختصار والإيجاز.

- ومن العوامل كذلك سعة المسجد أو ضيقه، وكثرة المصلين أو قلتهم، وكذلك ما يطرأ على الناس من أحوال عامة تؤدي إلى اضطراب نفوسهم، واشتغال أذهانهم وعقولهم، وما يستجد من أحداث لها آثار على عقيدة المسلمين، أو أخلاقهم أو أمنهم واستقرارهم.

فالخطبة وقت النوازل والكوارث والأحداث الجسام تختلف عنها في الأحوال المعتادة، والخطبة في مسجد السوق تختلف عنها في مسجد الحي إذ ينبغي أن يعطي لهؤلاء من الوقت ما يناسبهم.

والخطبة وقت الحرب والدعوة إلى الجهاد تختلف عنها وقت السلم، وهكذا فإن لظرف الزمان والمكان دورا واضحا في تحديد الحاجة إلى الطول، أو الحاجة إلى القصر في الخطبة، غير أننا نقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد رغب في قصر الخطبة وطول الصلاة بجعله ذلك علامة على فقه الخطيب.

<<  <   >  >>