هذه الجذوة على شدة حرارتها أكثر من ألف درجة مئوية لا تستطيع أن تبخر هذا الماء بالكامل؛ وذلك لأنه عندما يتبخر الماء باندفاع الصهارة فيه فإنه يرتفع إلى أعلى ليلامس ماء أبرد فيتك ث ف ويعود إلى قاع البحر مرة أخرى؛ ليعاود الكرة من جديد، وهكذا ليبقى هذا الاتزان الدقيق بين الأضداد من الماء والحرارة العالية هو من أكثر ظواهر الأرض إبهارا للعلماء في زماننا، وهي حقيقة لم يتمكن الإنسان من اكتشافها إلا في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن العشرين.
ومن الغريب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا النبي الأمي الذي لم يركب البحر في حياته الشريفة مرة واحدة، فضل ً اعن الغوص إلى أعماق البحار قال في حديث شريف أخرجه كل من الأئمة أبو داود في (سننه) والبيهقي في (سننه) وابن شيبة في (مصنفه) عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - ما نصه:((لا يركب البحر إلا حاج أو معتمر أو غاز في سبيل الله؛ فإن تحت البحر نارا وتحت النار بحرا)) وجاء الحديث في (مصنف ابن شيبة) بالنص: ((إن تحت البحر نارا ثم ماء ثم نارا)).
ويعجب الإنسان المتبصر لهذا السبق في كل من القران الكريم والأحاديث النبوية الشريفة بالإشارة إلى حقيقة من حقائق الأرض التي لم يتوصل الإنسان إلى إدراكها إلا في نهايات القرن العشرين، هذا السبق الذي لا يمكن لعاقل أن يتصور له مصدر ً اغير الله الخالق الذي أنزل هذا القرآن الكريم بعلمه على خاتم أنبيا ئ هـ ورسله، وعلم هذا النبي الخاتم والرسول الخاتم من حقائق هذا الكون ما لم يكن لأحد من الخلق إلمام به قبل العقود الثلاثة المتأخرة من القرن العشرين؛ لكي تبقى هذه الومضات النورانية في كتاب الله وفي سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- شهادات مادية ملموسة