للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استأذن على عبدي، فإن أذن لك فادخل، وإلا فارجع، فيستأذن عليه من سبعين حجابا، ثم يدخل عليه ومعه كتاب من الله عز وجل عنوانه:

من الحيّ الذي لا يموت إلى الحيّ الذي لا يموت، فإذا فتح الكتاب وجد مكتوبا فيه عبدي، اشتقت إليك فزرني، فيقول: هل جئت بالبراق؟ فيقول: نعم، فيركب البراق، فيغلب الشوق على قلبه، فيحمله شوقه، ويبقى البراق إلى أن يصل إلى بساط اللقاء (١).

وهناك آخرون كثيرون ادعوا عروجهم إلى السماء، ومعراجهم أو مكالمتهم الرب، ومخاطبتهم إياه، ومنهم صالح بن بان النقا السوداني (٢).

ودفع الله بن محمد الكاهلي الهذلي السوداني (٣).

وفتح الله بوراس القيرواني (٤).

ومحمد بن قائد اللواني العراقي (٥).

وأبو العباس المرسي (٦).

ومثل هؤلاء كثيرون لا يعدون ولا يحصون.

ويذكر الصوفي القديم المشهور عزيز الدين النسفي عن عروج المتصوفة إلى السماء: (إن بعض الصوفية يعرجون إلى السماء الأولى ويطوفون حولها، وبعضهم يتجاوزون من السماء الأولى ... وبعضهم يصلون إلى العرش إذا أمكن لهم (٧).

هذا بالنسبة للعروج، وأما من ناحية مكالمة الربّ لهؤلاء المتصوفة فللأهمية ننقل عبارة الجيلي كاملة، فيقول تحت عنوان (تجليّ الصفات):

(ومن المكلمين من يذهب به الحق من عالم الأجسام إلى عالم الأرواح وهؤلاء أعلى مراتب. فمنهم من يخاطب في قلبه، ومنهم من يصعد بروحه إلى سماء الدنيا، ومنهم إلى الثانية والثالثة كل على حسب ما قسم له، ومنهم من يصعد به إلى سدرة المنتهي فيكلمه الله هناك، وكل من المكلمين على قدر دخوله في الحقائق تكون مخاطبات الحق له لأنه سبحانه وتعالى لا يضع الأشياء إلا في مواضعها. ومنهم من يضرب له عند عند تكليمه إياه نور له سرادق من الأنوار. ومنهم من ينصب له منبرا من نور. ومنهم من يرى نورا في باطنه فيسمع الخطاب من تلك الجهة النورية، وقد يرى النور كثيرا وأكثر مستديرا ومتطاولا. ومنهم من يرى صورة روحانية تناجيه، كلّ ذلك لا يسمى خطابا، إلا إنْ أعلمه الله أنه هو المتكلم، وهذا لا يحتاج فيه إلى دليل، بل هو على سبيل الوهلة فإن خاصية كلام الله لا تخفى، وأن يعلم أن كل ما سمعه كلام الله فلا يحتاج هناك إلى دليل ولا بيان، بل بمجرد سماع الخطيب يعلم العبد أنه كلام الله، وممن صعد به إلى سدرة المنتهي من قيل له حبيبي إنيتك هي هويتي وأنت عين هو وما هو إلا أنا، حبيبي بساطتك تركيبي وكثرتك واحديتي، بل تركيبك بساطتي وجهلك درايتي، أنا المراد بك أنا لك لا لي، أنت المراد بي أنت لي لا لك، حبيبي أنت نقطة عليها دائرة الوجود فكنت أنت العابد فيها والمعبود، أنت النور أنت الظهور أنت الحسن والزين كالعين للإنسان والإنسان للعين:

أيا روح روح الروح والآية الكبرى ... ويا سلوة الأحزان للكبد الحرّى

ويا منتهي الآمال يا غاية المنى ... حديثك ما أحلاه عندي وما أمرا

ويا كعبة التحقيق يا قبلة الصفا ... ويا عرفان الغيب يا طلعة الغرا

أتيناك أخلفناك في ملك ذاتنا ... تصرف لك الدنيا جميعا مع الأخرى


(١) ((الإنسان الكامل)) للجيلي الباب التاسع والأربعون في سدرة المنتهى (ص٦٥ - ٦٦).
(٢) انظر كتاب ((الطبقات)) لمحمد ضيف الله الجعلي الفضلي (ص ١٠٥) ط لبنان.
(٣) ((الطبقات)) لمحمد ضيف الله الجعلي الفضلي (ص٨٩).
(٤) انظر ((الوصية الكبرى)) لعبد السلام الفيتوري (ص٧٤) ط طرابلس ليبيا ١٩٧٦ م.
(٥) ((الجواب المستقيم)) لابن عربي ورقة أ، ب المنقول من كتاب ((ختم الأولياء)) للترمذي (ص٢٢٤).
(٦) انظر ((النفحة العلية في أوراد الشاذلية)) (ص ٢٣٠).
(٧) انظر ((زبدة الحقائق)) لعزيز الدين نسفي (ص ٥٨) تصحيح وتقديم حق وردي ناصري ط كتابخانة طهوري طهران.

<<  <  ج: ص:  >  >>