للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الثالثة والثلاثون: معرفة القلب]

وذلك يكون في الكلمة، ويكونُ في القصَّة (١)، فأما الكلمة فكقولهم: جَبَذَ وجَذَبَ، وبَكلَ، ولَبَك، وهو كثير، وقد صنف فيه علماء اللغة منهم (٥٢/ ... ) ابن السكيت، وليس في القرآن شيء من هذا فيما أظن قاله ابن فارس، وأورد السيوطي لذلك أمثلة كثيرة في المزهر كما هو عادته في كل نوع وذكر بعض أهل اللغة: إنّ الجاه مَقْلوب من الوجْه، وفصَلُوا بينهما بالقلب.

وأنكر ابن درستويه القلب، وألف فيه كتابا سماه إبطال القلب، وقال النحاس: القلب الصحيح عند البصريين مثل شاكي السلاح وشائك، وجرف هارٍ وهائر وأما ما يسمّيه الكوفيون القلب، نحو جَبَذ وجذب، فليس هذا بقلب عندهم وإنما هما لغتان، وليس بمنزلة شاك وشائك؛ وأهل اللغة يقولون: إن ذلك كله مقلوب (٢).

[الرابعة والثلاثون: معرفة النحت]

والعرب تَنْحَت من كلمتين كلمة واحدة، وهو جِنْسٌ من الاختصار، وذلك كرجل عَبْشَمِيّ منسوب إلى اسمين، والحيعلة من (حيّ على) وهذا مَذْهَبُنا في أن الأشياء الزائدة على ثلاثة أحرف فأكثرها مًنْحوتُ، مثل قول العرب للرَّجل الشديد ضِبَطر من ضَبَط وَضبَر، وصَهْصَلِق من صَهَلَ وصَلَق، والصَّلْدم من الصَّلد والصَّدْم (٣).

وقد ألّف في هذا النوع أبو علي الظهير بن الخطير الفارسي العُماني كتاباً سمَّاه تنبيه البارعين على المنحوت من كلام العرب (٤).

يقال قد أكثر من البسملة إذ أكثر من قول: " بسم الله " ومن الهَيللة إذا أكثر من قول " لا إله إلا الله " ومن الحَوْلقة والحَوْقَلة إذا أكثر من قول " لا حَوْل ولا قُوّة إلا بالله "، ومن الحمْدَلة: أي من الحمد لله، ومن الجَعْفَدة أي من جُعِلْتُ فداك، ومن السَّبْحَلة أي من سبحان الله، والحسبلة قول: حسبي الله، والمشألة قول ما شاء الله، والسَّمْعَلة: سلام عليكم، والطَّلْبقة: أطال الله بقاك، والدَّمْعَزة: أدام الله عزّك، قال الشاعر:


(١) أي في الجملة أو العبارة.
(٢) ينظر: ذيل الآمالي والنوادر، لأبي علي القالي: ١١، ينظر: الصاحبي في فقه اللغة: ٢٠٢، ينظر: الصحاح: ١/ ١٥٩٤، ينظر: فقه اللغة للثعالبي: ٢٤٧، ينظر: الشوارد في اللغة للصغاني: ٢١٩، المزهر: ١/ ٤٦٧،٤٨١.
(٣) الصاحبي في فقه اللغة: ٢٧١، فقه اللغة للثعالبي:١٣٦،٢٥٣، المزهر: ١/ ٤٨٢.
(٤) معجم الأدباء: ٨/ ١٠٣، بغية الوعاة: ١/ ٥٠٢.

<<  <   >  >>