للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا زلت في سَعْدٍ يدومُ ودَمعزة

وينسب الى الشافعي مع أبي حنيفة شفعنتي، وإلى أبي حنيفة مع المعتزلة حنفلتي (١).

[الخامسة والثلاثون: معرفة الأمثال]

وهي حكمةُ العربُ في الجاهلية والإسلام وبها كانت تعارض كلامها، فتبلغ بها ما حاولَتْ من حاجاتها في المنطق بكنايةٍ غير تصريح، فيجتمع لها بذلك ثلاث خلال: إيجاز اللفظ، واصابة المعنى، وحسن التشبيه، وقد ضربها النبي (صللم) وتمثّل بها هو ومن بعده من السلف.

قال الفارابي: المثلُ ما تراضاه العامّة والخاصة في لفظه ومعناه حتى ابْتَذَلُوه فيما بينهم، وفَاهُوا به في السّرّاء والضرّاء، واستدرُّوا به الممتنع (٢) (٥٣/ ... ) من الدّر، ووصلوا به الى المطالب القَصِيّة، وتفَرَّجوا به عن الكرب والمُكرِمة، وهو من أَبْلغِ الحِكمة؛ لأنَّ الناسَ لا يجتمعون على ناقص، أو مُقَصِّر في الجودة، أو غير مبالغ في بُلُوغ المَدَى في النَّفَاسة.

قال: والنادرة حكمة صحيحة تُؤَدِّي ما يُؤَدِّي عنه المَثَل، إلا أنَّها لم تَشعْ في الجمهور، ولم تَجْرِ إلا بين الخواصّ، وليس بينها وبين المثل إلا الشيوع وحده ... انتهى (٣).

والأمثال لا تغير بل تجري كما جاءت وإن كانت ملحونة، ولا يستعمل فيها الإعراب وتخرج عن القياس فتحكى كما سمعت، ألاَ ترى أن قولهم: " إعط القوس باريها " تُسكَّن ياؤه، وإن كان التحريك الأصل، لوقوع المثل في الأصل على ذلك، وكذلك قولهم: " الصيفَ ضَيّعتِ اللبن " لمَّا وقع في الأصل للمؤنث لم يُغيرُّ من بعد، وإن ضُرِب للمذكر (٤).

وكذا قولهم: " أطِرِّي فإنَّك ناعِله "، يضَربُ للمذكر والمؤنث والاثنين والجميع على لفظ التأنيث، وقد ألف في الأمثال جماعة منهم الزمخشري، وأحسن ما جمع فيه وأجمعه كتاب الأمثال للميداني (٥). وهو موجود عندي ولله الحمد والثناء.

السادسة والثلاثون: معرفة الآباء والأمهات والأبناء والبنات


(١) إصلاح المنطق لابن السكيت:٣٠٣، ينظر الفاخر:٣١، ينظر: تهذيب إصلاح المنطق للخطيب التبريزي: ٢/ ١٤٤، ينظر: المسائل والأجوبة لابن السيد البطليوسي ضمن رسائل في اللغة: ١١٦، المزهر: ١/ ٤٨٢،٤٨٣.
(٢) في ديوان الأدب: ١/ ٧٤ المتمنع.
(٣) ديوان الأدب: ١/ ٧٢،٧٤، المزهر: ١/ ٤٨٦.
(٤) ينظر: جمهرة الأمثال لأبي هلال العسكري: ١/ ٧٦،٥٧٥، ينظر مجمع الأمثال للميداني:٢/ ٣٤٥،٤٣٤، المزهر: ١/ ٤٨٧ - ٤٨٨.
(٥) تهذيب اصلاح المنطق: ٢/ ١١٥، مجمع الأمثال: ٢/ ٢٨٢، المزهر: ١/ ٤٨٨ - ٥٠٥.

<<  <   >  >>