للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثالثة: في معرفة المرسل والمنقطع (١).

قال ابن الأنباري في لمع الأدلة: المرسل هو الذي انقطع سنده نحو أن يَرْوى ابن دريد عن أبي زيد، وهو غير مقبول؛ لأن العدالة شرط في قبول النقل، وانقطاع سند النقل يوجب الجهل بالعدالة، فإنَّ من لم يذكر لا تعرف عدالته، وذهب بعضهم الى قُبُول المُرْسَل لأن الإرسال صدَر ممن لو أسند لقُبل ولم يُتّهم في اسناده فكذلك في ارساله، وهذا اعتبار فاسد لأن المسند قد صُرِّح فيه بإسم الناقل فأمكن الوقوف على حقيقة حاله، بخلاف المرسل فبانَ بهذا أنه لا يلزم من قبول المُسْند قبول المرسل ... انتهى (٢).

مثاله ما في الجمهرة يقال: فَسَأتُ الثوبَ أفسَؤه فَسْأ. إذا مددته حتى يتفزَّز وأخبر الأصمعي عن يونس قال: رآني أعرابيَّ محتبياً بطيلسان فقال: علامَ تَفْسؤه؟ وابن دريد لم يدرك الأصمعي (٣).

وعن أبي عبيدة قال: اجتمع عند يزيد بن معاوية أبو زبيد الطائي، وجميل بن معمر العذري، والأخطل التغلبي فقال: أيكم يصف لي الأسد صفة في غير شعر، فقال: الى آخر الحكاية وهذا منقطع وأبو عبيدة لم يدرك يزيد (٤).

[الرابعة: في معرفة الأفراد ويقال له الآحاد]

وهو ما انفرد بروايته واحد من أهل اللغة، ولم ينقله أحد غيره، وحكمُهُ القبول إن كان المتفرد به من أهل الضبط والإتقان، كأبي زيد، والخليل، والأصمعي، وأبي حاتم وأبي عبيدة، وأضرابهم، وشرطُه أن لا يخالفه فيه من هو أكثر عدداً منه، ومثاله: المنَشْبَةَ (٥) المال، قاله أبو زيد ولم يقله غيره، والبَداوة قال ثعلب: لا أعرف بالفتح إلا عن أبي زيد وحدَه، وأمثلة ذلك كثيرة جداً في أقوال أهل اللغة (٦).

قال الأزهري: أهل اللغة اتفقوا على أن معنى سائر الباقي، ولا التفات الى قول الجوهري: سائر الناس جميعهم فإنه ممن لا يقبل ما يتفرد به ... انتهى، وقد انتصر له بأنه قال: الجواليقي: أن سائراً بمعنى الجميع.


(١) في لمع الأدلة: ٩٠ جاء العنوان: المرسل والمجهول.
(٢) لمع الأدلة:٩٠،٩١.
(٣) جمهرة اللغة: ٢/ ١١٠٢، المزهر: ١/ ١٢٥.
(٤) ينظر: المزهر: ١/ ١٢٥ - ١٢٩، توفي أبو عبيدة سنة ٢٠٩هـ، وتوفي يزيد بن معاوية وهو ثاني ملوك بني أمية سنة ٦٤هـ، المعارف لابن قتيبة: ٥٣.
(٥) في الأصل النشبة والصواب ما أثبتناه عن جمهرة اللغة: ١/ ٣٤٦.
(٦) ينظر: جمهرة اللغة: ١/ ٣٤٦، الصحاح: ٦/ ٢٢٨٧، المزهر: ١/ ١٢٩،١٣٠.

<<  <   >  >>