للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذلك أن الشاعر إنما هو راغب، أو راهب، أو مُعاتَب بين يدي ملك؛، فإن حكى عن نفسه وإلاّ كان جديراً بأن يَهْلِك.

فان كان الشاعر مخاطباً مَنْ دون الملك الأشم بما لا يُفهم، وكان راغباً في دّرِّهم، كان ذلك سببا لبُطْلان حاجته، وغَيْض (١) مُجاجته (٢) واستهجان شعره، وتحقير أمره والقدماء في هذا أعذر لأنها لغتهم (٣).

وقد أطال السيوطي (رح) في المزهر في بيان طبقات الشعراء لا حاجة بنا الى ذكرها (٤).

وبسط القول السيد غلام علي بن السيد نوح البلجرامي (رح) في مدح الشعر وجواب ذامّيه في أول كتابه (تسلية الفؤاد من قصائد آزاد) (٥) بسطاً حسناً، وكلاماً لطيفاً، من شاء فليرجع إليه، وسأبسطه إن شاء الله تعالى في كتابي (مراتع الغزلان في ذكر أدباء الزمان).

[الخمسون: في معرفة أغلاط العرب]

عقد له ابن جني بابا في كتاب الخصائص قال فيه: كان أبو علي يرى وجه ذلك، ويقول: إنما دخل هذا النحوٌ كلامهم؛ لأنهم ليست لهم أصول يراجعونها، ولا قوانين يستعصمون بها؛ وإنما (٧٩/ ... ) تهجُمُ بهم طباعهم على ما ينطقون به فربما استهواهم الشيء فزاغوا به عن القصد فمن ذلك مالك الموت موضع ملك الموت (٦) في قول الشاعر:

فماَلِك موت بالقضاء دهاني (٧)

فإن قلت: من أين لهذا الأعرابيّ مع جفائه، وغلظ طبعه معرفة التصريف حتى يبني من ظاهر لفظ مَلَك فاعلا، ويقول: مالك؟

قيل: هَبْهُ لا يعرف التصريف، ألا تراه لا يحسن بطبعه، وقوّة نفسه، ولطف حِسّه هذا القدر! هذا ما لا يجب أن يعتقده عارف بهم، أو آلِف لمذاهبهم، لأنه وإن لم يعلم حقيقة


(١) في الأصل لا تغيض والصواب ما أثبتناه عن المزهر: ٢/ ٤٩٣.
(٢) المُجاجة: الريق الذي تمجه من فيك، لسان العرب مادة (مجج) ٣/ ٤٣٩.
(٣) المزهر: ٢/ ٤٩٣،٤٩٤.
(٤) ينظر: المصدر نفسه: ٢/ ٤٨٩.
(٥) أبجد العلوم: ٣/ ٢٥٠.
(٦) الخصائص:٣/ ٢٧٣، المزهر: ٢/ ٢٩٤.
(٧) الخصائص: ٣/ ٣٧٣.

<<  <   >  >>