للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالت عائشة: " الشعر منه حَسَنُ ومنه قبيح، خذ الحسن ودع القبيح " رواه البخاري في الأدب المفرد (١).

ولقد رويت من شعر كعب بن مالك أشعاراً منها القصيدة فيها أربعون بيتاً أو دون ذلك، وعن الشريد استنشدني النبي (صللم) شعر أمية بن أبي الصلت فأنشدته، فأخذ النبي

(صللم) يقول: هِيه هِيه حتى أنشدته مائة قافية (٢).

ودفع عبد الملك بن مروان ولده الى الشَّعْبي يؤدبهم فقال: عَلّمْهم الشعر يَمْجُدوا ويَنْجدوا، ولا يقتصر على رواية الأشعار من غير تفهم ما فيها من المعاني، واللطائف وإذا سمع من أحد شيئاً فلا بأس أن يتثبت فيه (٣).

قال الأصمعي: سمعت أعرابياً يقول عطس فلان فخرج من أنفه جُلُعْلِعَة فسألته عن الكلمة فقال: هي خُنفساء نصفها حيوان ونصفها طين، قال: فلا أنسى فرحي بهذه الفائدة (٤).

وليترفق بمن يأخذ عنه ولا يطول بحيث يضجر، فإذا بلغ الرتبة المطلوبة صار يدعى الحافظ، كما أن من بلغ الرتبة العليا من الحديث يسمى الحافظ، وعلم الحديث واللغة أخوان يجريان من واد واحد، ووظائف الحافظ في اللغة أربعة:

أحدها: وهي العليا: الاملاء، وقد أملى حفاظ اللغة من المتقدمين الكثير، فأملى ثعلب مجالس عديدة في مجلد ضخم، وأملي ابن دريد، وابن الأنباري، وولده أبو بكر، وابو علي القالي وغيرهم ما لا يحصى، وطريقتهم في الاملاء، كطريقة المحدّثين سواء.

وقد كان هذا في الصدر الأول فاشيا كثيراً، ثم مات الحفاظ، وانقطع املاء اللغة من دهر مديد واستمر املاء الحديث.

والوظيفة الثانية: الافتاء في اللغة، وليقصد التحري، والإبانة، والإفادة والوقوف، عندما يعلم، وليقل فيما لا يعلم: لا أعلم، وإذا سئل عن غريب، وكان مفسراً في القرآن فليقتصر عليه (٥).

ثم ذكر السيوطي في المزهر (٦٧/ ... ) من سئل من علماء العربية عن شيء، فقال: لا أدري، ومن سئل عنه فلم يعرفه فسأل من هو أعلى منه، ومن ظن شيئاً، ولم يقف فيه على الرواية فوقف عن الاقدام عليه ومن قال قولاً ورجع عنه، وإذا تبين له الخطأ في جواب


(١) الأدب المفرد للبخاري: ١٧٣، المزهر: ٢/ ٣٠٩.
(٢) المصدران نفسهما: ١٧٤ و: ٢/ ٣٠٩.
(٣) ينظر: المزهر: ٢/ ٣٠٩ - ٣١٢.
(٤) جمهرة اللغة: ٢/ ١٢٢٣، المزهر: ٢/ ٣١٢.
(٥) المزهر: ٢/ ٣١٣،٣١٤.

<<  <   >  >>