للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السيوطي عنه تقسيم غريب وأورده على هذه الصيغة في موضعين: الأول في بيان الحكمة في وضع اللغة والآخر: في الترادف (١)، كذلك محمد صديق حسن خان، أوردها في الموضعين نفسيهما إلا أنه في الموضع الثاني: وهو الترادف خالف فيه السيوطي في تعريف المرادفة والمواردة كما أشِرنا آنفاً (٢).

فردف في اللغة نجدها أكثر التصاقاً ووضوحاً بالمعنى المشار إليه، في كون المرادفة لفظ مقام لفظ.

فالرَّدْف: ما تَبعَ الشيء، وكل شيء تَبِع شيئاً فهو رِدْفَه وإذا تتابع شيء خلف شيء فهو الترادف، والترادف التتابع، في حين لم تكن " ورد " أوضح من كونها ورود الماء للساقية (٣)، وقد يكون في ورد الماء شيء من التتابع، فنجد هذا التداخل والتقارب بين اللفظتين.

والمهم أن الترادف، وكثرة المفردات، وتنوع الدلالات، جعل اللغة العربية واسعة التعبير، وغنية في أصول كلماتها على معاني متشعبة، قديمة وحديثة، فقد اتيح للغة القرآن من الظروف والعوامل ما وسع طرائق وأساليب اشتقاقها وتنوع لهجاتها، فانطوت على محصول لغوي لا نظير له في لغات العالم (٤).

وفي مخالفته للسيوطي في موضوع معرفة الأشباه والنظائر حينما ذكر ألفاظاً اختلفت فيها لغة الحجاز ولغة تميم قال: هيهات عند أهل الحجاز وعند تميم أَيْهات، مخالفاً السيوطي الذي أشار إلى أن تميماً تقول هيهات وأهل الحجاز أَيْهات (٥).

وفي لسان العرب: إيه، وهيه على البدل، ومن العرب من يقول أَيْهات بمعنى هَيْهات، أو هي لغة فيها، ولم يذكر في لسان العرب مَنْ من العرب من يقول أَيْهات والآخر هَيْهات (٦). إلا إن المعروف في لغة الحجاز تسهيل الهمز ولغة تميم تحقيق الهمز، والذي أشار إليه المؤلف هي لغة تحقيق الهمز فهي لتميم خلافاً للسيوطي.


(١) ينظر: المزهر: ١/ ٣٧،٤٠٦.
(٢) ينظر: البُلغة إلى أصول اللغة: ٥٠.
(٣) ينظر: الأفعال: لابن القوطية: ١٠٢،٣٠٣، ينظر: لسان العرب مادة (ردف): ١/ ١١٥٢، ومادة (ورد): ٣/ ٩٠٨.
(٤) ينظر: دراسات في فقه اللغة د. صبحي الصالح: ٣٤٣.
(٥) ينظر: المزهر: ٢/ ٢٧٥ - ٢٧٦، ينظر: البُلغة إلى أصول اللغة: ٦٦.
(٦) ينظر: مادة (إيه): ١/ ١٤٨، ومادة (هيه): ٣/ ٨٥٩.

<<  <   >  >>