للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجواب عن القول الأول: إن المراد من تعليم الأسماء الإلهام إلى وضعها وأيضاً لا حجّة فيه من جهة القطع؛ فإنه عموم؛ والعموم ظاهر في الاستغراق، وليس بنص وذمهم لأنهم سموا الأصنام آلهة واعتقدوها كذلك (١).

قال القاضي (٢): وأما الجواز فثابت من جهة القطع وأما كيفية الوقوع فأنا متوقف، فإن دلَّ دليل من السَّمْع على ذلك ثبت به.

وقال الغزالي: قوله {وعَلَمَ آدم الأَسْماء كَلَّها} (٣) ظاهر في كونه توقيفاً، وليس بقاطع، ويُحْتَمل كونُها مصطلحاً عليها من خَلْق الله تعالى قبل آدم ... انتهى (٤).

وقال ابن الحاجب: الظاهر من هذه الأقوال قول الأشعري، قال التاج السبكي (٥) معناه: القول بالوقْف عن القَطْع بواحد من هذه الاحتمالات وترجيح مذهب الأشعري بغلبة الظن ثم قال: والانصاف أن الأدلة ظاهرة فيما قاله الأشعري فالمتوقف إن توقف لعدم القطع فهو مصيب، وان ادعى عدم الظهور فغير مصيب، هذا هو الحق الذي فاه به جماعة من المتأخرين، ومنهم ابن دقيق العيد (٦) في شرح العنوان.

وقال في رفع الحاجب: اعلم أنَّ للمسألة مقامين أحدهما الجواز فمن قائل لا يجوز أن تكون اللغة إلاّ توقيفاً، ومن قائل لا يجوز أن تكون إلاّ اصطلاحاً، والثاني إنه ما الذي وقع على تقدير جواز كل من الأمرين (٧) (١٢/ ... ).

والقول بتجويز كل من الأمرين هو رأي المحققين، ولم أرَ من صَرحّ عن الأشعري بخلافه والذي أراه إنه إنما تكلَّم في الوقوع، وإنه يجوّز صدور اللغة اصطلاحاً، ولو منع الجواز لنَقَله عنه القاضي، وامام الحرمين، وابن القُشَيري، والاشعري (٨) في مسألة مبدأ


(١) ينظر الإبهاج في شرح المنهاج: ١/ ١٩٦ - ٢٠٠، ينظر: المزهر: ١/ ١٦ - ٢١.
(٢) القاضي: أبو بكر محمد بن الطيب المعروف بالباقلاني متكلم على مذهب الأشعري، صنف في علم الكلام ت سنة ٤٠٣هـ، وفيات الأعيان: ٣/ ٢٦٩ - ٢٧٠.
(٣) البقرة / ٣١.
(٤) ينظر: المنخول من تعليقات الأصول للإمام الغزالي: ٧١، ينظر: المزهر: ١/ ٢١ - ٢٣.
(٥) التاج السبكي: الشيخ تاج الدين عبد الوهاب بن علي السبكي، له رفع الحاجب عن شرح مختصر ابن الحاجب ت سنة ٧٧١ هـ، كشف الظنون: ٢/ ١٨٥٥.
(٦) ابن دقيق العيد: تقي الدين محمد بن علي الشافعي له شرح عنوان الوصول في الأصول ت سنة ٧٠٢هـ. كشف الظنون: ٢/ ١١٧٦.
(٧) ينظر: الإبهاج في شرح المنهاج: ١/ ١٩٧،٢٠٠، ينظر المزهر: ١/ ٢٣،٢٤.
(٨) في الأصل ابن القشيري الاشعري والصواب ما أثبتناه بتصحيح عن المزهر: ١/ ٢٤، وابن القشيري: هو ابن نصر القشيري عبد الرحيم بن عبد الكريم، فقيه، محدث، عالم بالأصول واعظ، وكان متعصباً للأشاعرة ت سنة ٥١٤هـ، وفيات الأعيان: ٣/ ٢٠٨، البداية والنهاية لابن كثير: ١٢/ ٨٧.

<<  <   >  >>