للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غِلْمانُ قُرَيْش وثَقيف، وقال عُثْمان: اجعلوا المُمْلي من هُذَيل، والكاتبَ من ثَقيف، قال أبو عبيدة: فهذا ماجاء في لغات مُضر، وقد جاءت لغاتٌ لأهل اليمن في القرآن معروفة (١).

وقال ثعلب: ارتفعت قريشٌ في الفصاحة عن عَنْعَنَة تميم، وتَلْتَلَة بَهْراء وكَسْكَسَة ربيعة، وكَشْكَشَة هوازن وأسد، وتَضَجُّع قيس (٢)، وعَجْرَفيّة ضبّة وقَيْس، وكسر أسد، وقيس وفسّر تَلْتَلة بَهْراء بكسْر أوائل الأفعال المضارعة (٣).

وقال أبو نصر الفارابي: كانت قريشٌ أجود العرب انتقاداً للأفْصح من الألفاظ، وأسهلها على اللسان عند النُّطق، وأحسنها مسموعا، وأبّينها ابانةً عمّا في النفس؛ والذين عنهم نُقِلت اللغة العربية، وبهم اقْتُدِي، وعنهم أخذ اللسان العربيُّ من بين قبائل العرب هم: قيس، وتميم، وأسد؛ فإن هؤلاء هم الذين عنهم أكثر ما أُخِذ ومعظمة، وعليهم اتُّكل في الغريب، وفي الاعراب والتصّريف؛ ثم هذيل، وبعض كنانة، وبعض الطائيين، ولم يؤخذ عن غيرهم من سائر قبائلهم، وبالجملة فإنه لم يؤخذ عن حضَريّ قط، ولا عن سكّان البَرَاري ممن كان يسكنُ أطراف بلادهم المجاورة لسائر الأمم الذين حولهم؛ فإنه لم يؤخذ لا من لَخْم، ولا من جذام؛ لِمُجاورتهم أهل مصر والقِبْط؛ ولا من قُضاعة، وغسّان، وإياد لمجاورتهم أهل الشام، وأكثرهم نصارى يقرؤون بالعبرانية؛ ولا من تَغلب واليمن؛ فإنهم كانوا بالجزيرة مجاورين لليونان، ولا من بكر لمجاورتهم للقبط والفرس؛ ولا من عبد القيس وأزد عُمان لأنهم كانوا بالبحرين، مُخالطين للهند والفُرس؛ ولا من أهل اليمن لمخالطتهم للهند والحبشة، ولا من بني حنيفة، وسُكان اليمامة، ولا من ثقيف، وأهل الطائف؛ لمخالطتهم تجَّار اليمن المقيمين عندهم؛ ولا من حاضرة الحجاز لأن الذين نقلوا اللغة صادفوهم حين ابتدأوا ينقلون لغة العرب (٣٢/ ... ) قد خالطوا غيرهم من الأمم، وفسدت ألسنتهم، والذي نقل اللغة واللسان العربيَّ عن هؤلاء وأثبتها في كتاب فصيّرها عِلْماً وصناعة هم أهل البصرة والكوفة فقط من بين أمصار العرب ... انتهى (٤).

ورُتَبُ الفصيح متَفاوتةٌ ففيها فصيحٌ وأفصح كالبُرُّ أفصح من القَمْح والحنطة، وانصَبَه المرضُ أعلى من نَصَبَه، واللغوب أفصح من اللغب، والحبر (بالكسر) أفصح من الحبر (بالفتح)، وضربة لازب أفصح من لازم.


(١) الصاحبي في فقه اللغة: ٥٢،٥٣،٥٧،٥٨، ينظر: درة الخواص: ١٥١،١٥٢، المزهر: ١/ ٢١٠،٢١١.
(٢) في الأصل قريش والصواب ما أثبتناه عن مجالس ثعلب: ١/ ١٠٠، والخطأ قد ورد في المزهر أيضاً.
(٣) مجالس ثعلب: ١/ ١٠٠،١٠١، ينظر: الصاحبي في فقه اللغة: ٥٧،٥٨، ينظر: سر صناعة الاعراب: ١/ ٢٣٤، المزهر: ١/ ٢١١.
(٤) المزهر: ١/ ٢١١،٢١٢.

<<  <   >  >>