ثم يأتي بعد هؤلاء من يقول للغربيين نحن وأنتم. ولا نصل للقوة العلمية وفينا من يقول العز في الخمول والسعادة في العزلة والفضل في الزهد في الدنيا والبعد عما في أيدي الناس فإن من توكل على الله كفاه وهذا الفريق متخلل بين لعامة يزعم أنه من الهداة وهو من المضلين فلو كان من البصراء لطالع سيرة نبينا سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم وغزواته وفتش في سياستيه السماوية والأرضية ولأيقن أنه كان أكثر منه توكلا على الله تعالى وازهد في الدنيا في أيدي الناس ولم تقعد به همته العلية عن مزاولة الحروب بنفسه الشريفة وفصله قضايا الأمة وجلوسه لتعليم الناس وسعيه في مصالحهم ومخاطبته الملوك والأقيال والأمراء ومعاملته المسلم والمسيحي والموسوي بعدل لا يضمنه الآن أحسن قانون ولا ينفذه أقوى سلطان فهؤلاء بجهلهم سيرة نبيهم سولت لهم انفسهم أنهم قائمون بارشاد الأمة وهدايتها إلى الطريق الحق وما دروا أنهم أماتوا الهمم وصرفوا النفوس عن التعلق بحوافظ الدين والملك معاً. ومن هذا القبيل الذين دونوا دواوين الخطابة وجعلوها قاصرة على التزهيد في الدنيا والتحذير من المال وجمعه والفرار من المجامع والظهور والرضا بخشن العيش والصبر على الذل والهوان وتركوها للخبطاء بها يوم الجمعة حيث تجتمع الأمة اجتماعاً لايتفق لأمة أخرى فيدخل الرجل للصلاة وهو يفكر في عمل يصلحه وصناعة يتقنها وإدارة يحسنها ومعيشة يوسعها ونظام يحفظه وإخاء يحافظ عليه ووطن يسعى في وقايته وملك يدافع عنه وحق يطالب به ويخرج وقد ماتت همته وانصرف عن الأفكار الجليلة بما غرسه الخطيب في فكره من قبح الدنيا وسوء