بتعاليمهم الأجنبية وأصوات الجرائد الأجيرة فربما ظن ناشىء المصريين أن ما عليه مصر الآن من تدوين الدواوين وتنظيم الإدارات ونشر المعارف والصنائع وترتيب المديريات والأقسام وعمل الترع والقناطر والجسور وترتيب المجالس إنما هو عمل أجنبي وهو ظن فاسد لا دليل عليه فإن مدنية مصر تنادي بأنها أثر من آثار العائلة المحمدية العلوية وقد وضع أساسه على أيدي الوطنيين في أيام سهر لياليها المرحوم محمد علي باشا متقلباً من جنب لجنب يفكر ويقدر ويدبر حتى كاد أن لا يتنفس نفساً إلا وهو مصحوب بفكر في شأن من شؤون مصر. وتقدم لنا كتابة فصل مجمل في مقالة افتتاحية في العدد الثاني من جريدتنا والآن نريد أن نأتي على أعمال هذه العائلة عملاً عملاً بالتفصيل والبيان قياماً بواجب نعمتها علينا معاشر المصريين وتطهيراً لأفكار الشبان من أقذار الأكاذيب والمفتريات التي سلبت نسبة تنظيم البلاد عن هذه العائلة الكريمة والوطنيين وألحقتها بالأجنبي زوراً وبهتاناً ولنرشد الآتي إلى معرفة فضل ساداته ومجد آبائه حتى لا يقع فيما وقع فيه بعض الشبان من الاغترار بزخرف قول الكتاب واختلاق الغرباء ومفتريات الأجراء وإذا بينا ماهيات الأعمال والقائمين بتأسيسها سهل على القارىء مقابلة الحقائق الثابتة المشاهدة بالأقوال الكاذبة المصوغة في قال النصح والإرشاد وأيقن
المصريون أن ما هم فيه إنما هو نتيجة أتعاب أمرائهم وآبائهم فلا تمنعهم مزاحمة الأجنبي من السعي خلف استرجاع ما فات بالجد والعمل وعقد العزائم على حفظ هذه الآثار باتفاق طوائفهم وأجناسهم على توحيد السير والسهر في تدارك خطأ المخطئين من ضعفائهم ولظهور بين أيدي أوروبا بالإخلاص