للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالعكس ومثله ما إذا كانت الدولة ذات قوة جندية يسعها بواسطتها أن تحشد لساحة القتال عدداً عظيماً من الرجال فإنها أن لم تكن مصادر القوة المالية متوفرة لديها فلن تستطيع القايم بمؤونة الجند إلا بالتقتير أو جلب المال من أوجه المظالم وذلك مما يفضي بداخليتها إلى الوهن والضعف بخلاف ما إذا اجتمع لديها قوتا الجند والمال مثلاُ فإنها تنفق عن سعة لتتأهب بما يجعلها ترجح سواها.

وعلاوة على ذلك فإن لكل قوة من هذه القوى على انفرادها فعلاً خاصاً لا تنكر أهميته كقوة الموقع الجغرافي مثلاُ فإن المملكة التي تكون محصنة الجواب بالمضائق البرّية والبحرية ممنعة الأطراف لا يقدر العدوّ إن يأتيها إلا من طريق واحدة ليست كالمملكة التي تكون متفرقة الأجزاء والقوة محاطة بالأجزاء وقس على ذلك بواقي القوات وفعلها بالنسبة لحال المتحاربين.

ثم أنا لو قابلنا بين الحروب القديمة والحديثة لوجدنا الحديثة أشد بلاء وأقوى خطراً وأدعى إلى الهلاك وإن كانتا كلتاهما سبباً فيه فكم من أمم تلاشت ودول دخلت أخبار عظمتها في خبر كان بما جنته عليها الحروب التي يسعى إليها الإنسان مجداً في كل زمان كأنما نسي أن الحروب من أعظم مصائب النوع الأناني فأصبح عاملاً على حتفه بيديه يخترع لذلك الآلات المهلكة ويعد المعدّات التي لم تقف به عند حد معلوم بل كلما ترقى في المدنية درجة ترقت معه مثلها حتى كأن المدنية الحديثة عدوّة للإنسان أقامت عليه رقيباً بتأثره إنّي ذهب

وكيفما صعد حتى إذا أصاب

<<  <   >  >>