للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منه غرة ألقاه من أعلى درجات المدنية إلى مهاوي الهلاك وذلك بحكم القياس على من تولى من الأمم القديمة التي أبادتها الحروب وذهبت بحضارتها وعمران ممالكها أيدي الغارات كالمصريين والفرس والرومان واليوانان وغيرهم من الأمم العظيمة التي كانت لها المنعة والسلطان.

فقد ذكر بعض المؤرخين أن أقدم دولة رتبت جيشاً خاضعاً لقوانين منظمة فرقت بها بينه وبني طبقات الناس دولة الفراعنة في مصر. وأعظم من أعتنى من الفراعنة بالجيوش وتنظيمها وإحراز معدات الحروب هو رمسيس الثاني فإن بعوثه وصلت إلى ممالك الهند والتتار والآشوريين وغيرهم.

فلو تأملنا تدويخه معظم هذه الممالك لوجدناه بلا ريب أعظم قواد المصريين القدماء ومع هذا العظم وذلك الاقتدار وما وصلت إليه المدنية في تلك العصور كما تدل عليه الآثار الخالدة إلى هذه الأيام لم يكن السلاح إذ ذاك إلا من السهام والفؤس سيوف النحاس ولم تكن الدروع إلا من اللبد. وكذلك أمة الفرس التي فاقت بنظامها الحربي من تقدمها من الأمم لم يكن سلاحها إلا كسلاح المصريين وقد أبادتهم جميعاً الحروب وأتت على مدنيتهم الغرات حتى لم يبق لهم إلا أثر يبصر أو خبر يذكر.

ولا جرم فإن عقول رجال العصور المتمدنة الأولى لم تتوصل إلى اختراع آلات وإبداع أدوات لإهلاك الإنسان الضعيف أكثر مما ذكر فماذا يقال في شأن المدنية الجديدة الغربية وما هي عليه الآن من التقدم كيف يتفنن رجالها في اختراع الآلات الحربية المهلكة للإنسان كالمدفع الرشاش والارمسترنغ والكروب والبندق السريع الطلق والبارود غير ذي الصوت

<<  <   >  >>