وغير ذي الدخان والتوربيد والديناميت والمنطاد الحربي إلى غير ذلك من الأسباب التي تسدّ في وجه المدنية المذاهب وتفضي إلى اضمحلالها وصيرورة أهليتها أخباراً تحار عند ذكرها الأذهان.
فلا ريب أن مضار هذه المدنية على النوع الإنساني أكثر من نفعها بل أيّ نفع يرجى ن مدنية صيرت العالم على شفا جرف هار من البوار وفتحت على الممالك أفواه البنادق والمدافع كمن ينتظر إشارة ليلهب الأرض ومن عليها بنيران الهلاك والتدمير.
ولا عجب فالحرب أخت الإنسان نشأت معه وتربت بين يديه فلما لم يتق شرها انقلبت
بالوبال عليه.
ومن يجعل الصِل الخبيث ربيبه=ويأْمل منه الخير بشره بالشر
وهل يرتجي ممن نشا طبعه الأذي=سوى بثّه سمّ الأذية والضرّ
والحمد لله الذي جعل البلاد المصرية في مأمن واق من الحروب وحصن حصين دون الكروب وجعل بأسها عباسها فدفع له عنها كل محظور فنسأل الله تعالى لمقامه العالي تأييداً وإعزازاً حتى تصل به مصر إلى معنى التقدم الحق والكمال المطلوب أمين.
انتهى المولد الأحمدي الصغير وكان خفيفاً قليل الزوّار بائر التجارة لم يربح فهي إلا بعض الخمارات فإن معظم أصحاب الأطيان بأع٧وها أو رهنوها ولم يبق بيدهم ما يشترون بضاعة أو يضيعون به شرفاً ومالاً وديناً أم أصحاب الطرق وأهل الخير فكانوا على أحسن ما يكون من الهدوء والنظام والاشتغال بأنواع الطاعة والقربات ولنا في هذا الموضوع كلام نؤجلهُ إلى فرصة أخرى.