للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حديثاً على نص ثم يرويه ثقة خلافاً لروايتهم، فهذا الذي يقال شذ عنهم " (١).

وفسر الحافظ الخليلي كلام الإمام الشافعي فقال: " أما الشواذ فقد قال الشافعي وجماعة من أهل الحجاز: الشاذ عندنا ما يرويه الثقات على لفظ واحد، ويرويه ثقة خلافه زائداً أو ناقصاً " (٢).

مما مر من كلام الإمام الشافعي وتفسير الخليلي له أنه عنى به مخالفة الثقة لغيره من الثقات في متن حديث، زيادة أو نقصاً، ولكنّ بعض العلماء فهموا منه أنّه مخالفة الثقة لغيره في المتن والإسناد، وليس لدينا من الأدلة التي تبين مراد الإمام الشافعي الدقيق من ذلك، لأننا لم نقف على أي حديث حكم عليه بالشذوذ نصاً، والفهم الذي فهمه بعض العلماء هو لمخالفة الثقة سنداً، أو متناً، ونحن لا نشك بأن هذا التعبير لغوي، وليس اصطلاحياً، فحمله على الاصطلاح فيه كثير من تحميل النص ما لا يحتمل، وإلا فكان الأولى بنا أن نأخذ من هو أقدم، وأعلم في الحديث من الشافعي، وهو الإمام شعبة بن الحجاج، أمير المؤمنين في الحديث إذ قال: "لا يجيئك الحديث الشاذ إلا من الرجل الشاذ " (٣). وهذا لو أخذناه على طريقة أهل الاصطلاح لأصبح الشاذ هو مخالفة الضعيف حسب، وليس الأمر كذلك.

[المطلب الثاني: عند الإمام الترمذي]

قال عند تعريفه الحديث الحسن: " وما ذكرنا في هذا الكتاب حديث حسن فإنما أردنا به حسن إسناده عندنا: كل حديث يروى لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب ولا يكون الحديث شاذاً، ويروى من غير وجه فهو عندنا حديث حسن" (٤).

قال ابن رجب: " والظاهر أنه أراد بالشاذ ما قاله الشافعي وهو أن يروي الثقات عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافه" (٥).


(١) آداب الشافعي ومناقبه، لابن أبي حاتم ص٢٣٣ - ٢٣٤، ومناقب الشافعي، البيهقي ٢/ ٣٠ والكامل لابن عدي ١/ ١١٥،، والكفاية، الخطيب البغدادي ص١٧١.
(٢) الإرشاد ١/ ١٧٤ - ١٧٧.
(٣) أنظر مصدر سابق.
(٤) العلل في آخر الجامع ٥/ ٧١١، وانظر شرح العلل، ابن رجب ٢/ ٦٠٦، وتحفة الأحوذي، المباركفوري ٤/ ٤٠٠.
(٥) شرح العلل ٢/ ٦٠٦.

<<  <   >  >>