للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأبي حاتم، النسائي، والدارقطني، وغيرهم: اعتبار الترجيح فيما يتعلق بالزيادة وغيرها، ولا يعرف عن أحد منهم إطلاق قبول الزيادة " (١).

ثم بين لنا المرجحات فقال:" فحاصل كلام هؤلاء الأئمة أن الزيادة إنما تقبل ممن يكون حافظاً، متقناً، حيث يستوي مع من زاد عليهم في ذلك، فإن كانوا أكثر عدداً منه، أو كان فيهم من هو أحفظ منه، أو كان غير حافظ، ولو كان في الأصل صدوقاً فإن زيادته لا تقبل، وهذا مغاير لقول من قال: زيادة الثقة مقبولة وأطلق " (٢).

[المبحث الرابع: قرائن قبول زيادة الثقة عند المتقدمين]

وخلاصة ما تقدم من أقوال الأئمة المتقدمين نقول: صرح أئمة الحديث من المتقدمين أن الزيادة من الثقة مقبولة، ولكن مفهوم الزيادة عندهم يختلف عما يُعرّفه المتأخرون، فصورة الزيادة المقبولة عندهم هي: أن يروي ثقة حديثاً بصورة ما، ثم يأتي ثقة آخر فيزيد عليه زيادة وصل أو رفع أو لفظة أو جملة، وكذا إذا رواها اثنان بشكل وزاد عليهم ثقتان ... أي شريطة التكافؤ.

ومن خلال الأمثلة التي صرّحوا فيها بقبول الزيادة، أو ضدها يمكننا تلخيص بعض القرائن التي اعتمدوها من خلال الآتي: -

(١) - زيادة صحابي على صحابي آخر: وهو أن يروي صحابي حديثاً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم يأتي صحابي آخر فيزيد على ذلك الصحابي لفظة ما، وهذه الزيادة مقبولة بالاتفاق، إذا صح السند. ومن أمثلتها:_

أ- زيادة أبي سعيد على أبي هريرة - رضي الله عنه - في حديث " آخر أهل النار خروجاً " إذ جاء في رواية أبي هريرة - رضي الله عنه -: " لك ذلك ومثله معه "وزاد أبو سعيد على أبي هريرة فقال: " قال الله: لك ذلك وعشرة أمثاله ... والحديث كما أخرجه البخاري (٧٤٣٧) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: " أن الناس قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله قال:" فهل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا، قال: فإنكم ترونه كذلك، يحشر الناس يوم القيامة فيقول: من كان يعبد شيئاً فليتبعْ ... " الحديث ... ومنه: " ثم يفرغ الله من القضاء بين العباد،


(١) نزهة النظر ص ٤٩.
(٢) النكت على ابن الصلاح ٢/ ٦٩٠.

<<  <   >  >>