للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من حديثه ما يجزم أهل المعرفة بالحديث بصحته، وهذا باب قد اشتبه كثيراً على غير النقاد، والصواب ما اعتمده أئمة الحديث ونقاده من تنقية حديث الرجل وتصحيحه والاحتجاج به في موضع وتضعيفه وترك حديثه في موضع آخر وهذا فيما إذا تعددت شيوخ الرجل ظاهر كإسماعيل بن عياش في غير الشاميين وسفيان بن حسين في غير الزهري ونظائرهما متعددة، وإنما النقد الخفي إذا كان شيخه واحداً كحديث العلاء بن عبد الرحمن مثلاً عن أبيه عن أبي هريرة فإن مُسلماً يصحح هذا الإسناد ويحتج بالعلاء، وأعرض عن حديثه في الصيام بعد انتصاف شعبان وهو من روايته على شرطه في الظاهر ولم ير إخراجه لكلام الناس في هذا الحديث وتفرده وحده به وهذا أيضاً كثير يعرفه من له عناية بعلم النقد ومعرفة العلل، وهذا إمام الحديث البخاري يعلل حديث الرجل بأنه لا يتابع عليه ويحتج به في صحيحه ولا تناقض منه في ذلك". (١)

قلت: وهذه المرجحات يصعب معرفتها إلا بالتخمين الذي قد يخطئ أو يصيب لأنه لم يصرح بها؟! فلا سبيل لمعرفتها.

[المطلب الأول: ما كان ظاهره القبول وهو ليس كذلك]

وقد وقفت خلال استقرائي لصحيح البخاري على بعض الأمثلة التي قد يظنها البعض قبولاً للزيادة، فسأوردها هنا لبيان أنها ليست من هذا القبيل:

١ - قال الإمام البخاري (٥٢٧٣):حدثنا أزهر بن جميل قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال: حدثنا خالد-الحذاء-عن عكرمة عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:أقبل الحديقة وطلقها تطليقة ". قال أبو عبد الله: لا يتابع فيه عن ابن عباس.

حدثنا إسحاق الواسطي حدثنا خالد عن خالد الحذاء عن عكرمة أن أخت عبد الله بن أُبي بهذا وقال: تردين حديقته؟ قالت: نعم فردتها، وأمره أن يطلقها. وقال إبراهيم بن طهمان عن خالد عن عكرمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "وطلقها ".وعن أيوب بن أبي تميمة عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال جاءت امرأة ثابت بن قيس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، إني لا أعتب على ثابت في دين ولا خلق ولكني لا أطيقه فقال رسول الله


(١) ((حاشية ابن القيم على سنن أبي داود المطبوع مع عون المعبود للعظيم آبادي ١٠/ ٢٩٢ - ٢٩٣.

<<  <   >  >>