للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد تتبعت كل تلك الأحاديث عن الصحابة الكرام فلم أجد هذه الزيادة "يوم عرفة " إلا من رواية عقبه بن عامر - رضي الله عنه -، تفرد به عنه موسى بن علي بن رباح عن أبيه به (١).

وهذا لا يعتبر شذوذاً على رأي أهل المصطلح أنفسهم، إذ حديث كل صحابي مستقل عن حديث الصحابي الآخر، ولو كان في المتن نفسه، كما هو مقرر (٢). ثم إن موسى لم يخالف فيه أحداً، بل أنفرد به أصلاً، ولو جعل الاختلاف بين متون الأحاديث التي ينفرد بزيادتها الصحابي، عن الآخر في المتن الواحد شذوذا، لجرنا ذلك إلى إشكال عريض، ويكفي في صحة الحديث تصحيح الإمام الترمذي.

والراجح، بل الصواب أن حديث كل صحابي هو حديث مستقل عن الصحابي الآخر زاد أو قصر، كما قرره الحافظ ابن حجر وغيره.

وإذا أردنا التمثيل للحديث الشاذ فإن كل حديث مر تمثيله في المنكر يصح التمثيل به هنا

ذلك لأننا نرجح مذهب الذي يسوي بينهما، وهو منهج أئمة الحديث من المتقدمين، والمتأخرين إلى أن فرق بينهما الحافظ ابن حجر - رحمه الله -، كما مر.

المذهب الرابع: الشاذ هو المخالفة، مرادفاً للمنكر " وهو الحديث الخطأ ":

قال به جمهور أهل المصطلح: الخطيب البغدادي، والميانشي، وابن الصلاح وابن دقيق العيد، والحافظ ابن كثير، والإمام النووي ومن جاء بعدهم ممن كتب في المصطلح إلى الحافظ ابن حجر الذي فرق بينهما.

ولنأخذ أول من تكلم منهم في الشاذ كمصطلح مستقل لنوع من أنواع علوم الحديث، قال الحافظ ابن الصلاح:" الأمر في ذلك على تفصيل نبينه فنقول: إذا انفرد الراوي بشيء نظر فيه فإن كان ما انفرد به مخالفاً لما رواه من هو أولى منه بالحفظ لذلك


(١) انظر تخريجه في المسند الجامع بالأرقام: ١٣/ (٩٨٣٨) عن عقبة، و٣/ (١٩٣١) عن بشر بن سحيم، و٥/ (٣٤٧٤) عن حمزة بن عمرو الأسلمي، و٨/ (٥٧٧٩) عن عبد الله بن حذافة، و١١/ (٨٤٤١) عن عبد الله بن عمرو، و١٣ / (١٠١٢٦) عن علي و١٤ / (١٠٧٥١) عن عمرو بن العاص، و١٤/ (١١٢٥٣) عن كعب بن مالك، و١٥/ (١١٨٣٤) عن نبيشة، و١٧ / (١٣٤٩٨) عن أبي هريرة، و ١٩ / (١٦٦٣٩) عن عائشة - رضي الله عنه -.
(٢) انظر النكت على ابن الصلاح ٢/ ٦٩١.

<<  <   >  >>