للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأضبط، كان ما انفرد به شاذاً مردوداً وإن لم يكن فيه مخالفة لما رواه غيره وإنما هو أمر رواه هو ولم يروه غيره فينظر في هذا الراوي المنفرد فإن كان عدلاً حافظاً موثوقاً بإتقانه وضبطه قبل ما انفرد به ولم يقدح الانفراد فيه كما فيما سبق من الأمثلة وإن لم يكن ممن يوثق بحفظه وإتقانه لذلك الذي انفرد به كان انفراده به خارماً له مزحزحاً له عن حيز الصحيح ثم هو بعد ذلك دائر بين مراتب متفاوتة بحسب الحال فيه، فإن كان المنفرد به غير بعيد من درجة الضابط المقبول تفرده استحسنا حديثه ذلك ولم نحطه إلى قبيل الحديث الضعيف، وإن كان بعيدا من ذلك رددنا ما انفرد به وكان من قبيل الشاذ المنكر، فخرج من ذلك أن الشاذ المردود قسمان: أحدهما الحديث الفرد المخالف، والثاني الفرد الذي ليس في راويه من الثقة والضبط ما يقع جابرا لما يوجبه التفرد والشذوذ من النكارة والضعف، والله أعلم (١).

وتعقبه ابن جماعة: " وهذا التفصيل حسن ولكنه مخل لمخالفة الثقة من هو مثله في الضبط وبيان حكمه" (٢).

أقول: فحاصل كلام ابن الصلاح هو:

١ - إن انفراد الراوي -ثقة أم غير ثقة- يضره.

٢ - إن كان المنفرد ثقة ضابطاً كان ذلك خارماً له مزحزحاً له عن درجة الخبر الصحيح وهو دائر بين مرتبة الحسن والضعيف.

٣ - إن كان المنفرد ضعيفاً فإن حديثه من قبيل الشاذ المنكر، وإن كان مخالفاً فمن باب أولى.

٤ - إن كان المنفرد ثقة مخالفاً لمن هو أحفظ وأضبط فحديثه شاذ مردود.

أقول: نحا ابن الصلاح في هذا منحى الأئمة المتقدمين من اعتبار الشاذ والمنكر بمعنى واحد وأن التفرد علة حتى ولو من ثقة.

والذي أراه هو أنّ ابن الصلاح استعمل الشاذ لغة وهو " التفرد " فقسمه إلى قسمين: شاذ مردود (تفرد مردود) ثم تحدث عنه وهو على أقسام تفرد الضعيف، وتفرد الثقة الذي لا يحتمل تفرده.

وقد نتسائل: أين صرح ابن الصلاح بمراده من (الشاذ المقبول)؟ والجواب أنه


(١) مقدمة ابن الصلاح ص ٧٦.
(٢) المنهل الروي ص٥٠.

<<  <   >  >>