للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد تناول الشيخ عداب الحمش موضوع الزيادة عند الترمذي في أطروحته وخرج بنتيجة وهي: " مذهب الترمذي هو قبول زيادة الثقة غالباً كما هو صريح قوله " (١).

وقد مثل بأمثلة، وختمها بقوله:" قلت: في هذا القدر من الأمثلة كفاية للوقوف على صنيع الحافظ الترمذي في قبول زيادة الثقة مطلقاً، كما هو مذهب شيخه البخاري " (٢).

وبين غالباً ومطلقاً فرق كبير، ناهيك عن أن هذه النتيجة لا تسلم من نقد عريض! كما بيناه، وسنناقش هاتيك الأمثلة في الفصل التطبيقي، إن شاء الله تعالى.

المطلب السابع: مذهب الحافظ ابن خزيمة.

قال البيهقي:" قال ابن خزيمة في صحيحه:" لسنا ندفع أن تكون الزيادة في الأخبار مقبولة من الحفاظ، ولكنا إنما نقول: إذا تكافأت الرواة في الحفظ والإتقان والمعرفة بالأخبار فزاد حافظ متقن عالم بالأخبار كلمة قبلت زيادته. لا أن الأخبار إذا تواترت بنقل أهل العدالة والحفظ والإتقان زيادة إن تك تلك الزيادة تكون مقبولة " (٣).

قال السخاوي في سياق الحديث عن قبول زيادة الثقة: " وقيده ابن خزيمة باستواء الطرفين في الحفظ والإتقان، فلو كان الساكت عدداً، أو واحداً أحفظ منه، أو لم يكن هو حافظاً، ولو كان صدوقاً فلا " (٤).

قلت: وهذا نص صريح من إمام الأئمة ابن خزيمة -رحمه الله - إذ صرح أن المقصود في الزيادة المقبولة هي تلك التي يزيدها حافظ على حافظ، لا أن يشذ حافظ على جماعة الحفاظ، إذ قد صرح بعدم قبولها، وهو صنيع المتقدمين أجمعين.

ولخص لنا الحافظ ابن حجر العسقلاني منهج الأئمة المتقدمين في قبول الزيادة فقال:" المنقول عن أئمة الحديث المتقدمين: كعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى القطان، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، والبخاري، وأبي زرعة الرازي،


(١) أقوال الإمام الترمذي في نقد الرجال ص٢٦٠.
(٢) أقوال الترمذي ص٢٢٧.
(٣) كتاب القراءة خلف الإمام ص ١١٧، ولم أقف عليه في المطبوع من مختصر ابن خزيمة، كما يسمى خطاً: (الصحيح)، فلعله في المفقود منه.
(٤) فتح المغيث ١/ ٢٣٤.

<<  <   >  >>