للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: والزائد أولى أن يؤخذ، وهذا ليس مما نحن فيه فإن مراده أن الصحابة روى بعضهم فيمن يفوته الحج عليه القضاء مع الدم، فأخذ بقبول من زاد الدم فإذا روي حديثان مستقلان في حادثه وفي أحدهما زيادة فإنها تقبل من الثقة كما لو تفرد الثقة بأصل الحديث وليس هذا من باب زيادة الثقة، ولا سيما إذا كان الحديثان موقوفين عن صحابيين وإنما قد يكون أحياناً من باب المطلق والمقيد. وأما مسألة زيادة الثقة التي نتكلم فيها ههنا فصورتها: أن يروي جماعة حديثاً واحداً بإسناد واحد، ومتن واحد فيزيد بعض الرواة فيه زيادة، لم يذكرها بقية الرواة " (١).

أقول: توقف الإمام أحمد في زيادة الإمام مالك: " من المسلمين لما ظن أن الإمام مالك قد تفرد بها ولم يتابع حيث قال: " كنت أتهيب حديث مالك " من المسلمين "، يعني حتى وجده من حديث (العمريين) (٢) قيل له: أمحفوظ هو عندك من المسلمين؟ قال: نعم " (٣).

قال إبن رجب: " وهذه الرواية تدل على توقفه في زيادة واحد من الثقات ولو كان مثل مالك حتى يتابع على تلك الزيادة وتدل على أن متابعة مثل العمري لمالك مما يقوي رواية مالك ويزيل عن حديثه الشذوذ والإنكار " (٤).

وهذا أوضح مثال كون الإمام أحمد لا يقبل الزيادة ولو كانت من مثل مالك حتى يتابع!.

[المطلب الرابع: مذهب الإمام البخاري]

لم يصرح الإمام البخاري في مصنفاته (٥) حول قضية قبول الزيادة أو عدمه، خلا ما نقل عنه بعض المتأخرين من القول بقبولها؟

قال الخطيب البغدادي في الكفاية: " أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب قال: أنبأنا


(١) شرح علل الترمذي ٢/ ٦٣٥.
(٢) هما عبد الله وأخوه عبيد الله ابنا عمر بن حفص العمري، والحق أن المتابعين لمالك في هذا الحديث كثر كما سيأتي بيانه.
(٣) شرح علل الترمذي، ابن رجب ٢/ ٦٣٢.
(٤) مصدر سابق.
(٥) أقول: أعني على مفهوم المتأخرين.

<<  <   >  >>