للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تقبل من الحافظ، فإنه اعتبر أن يكون حديثه هذا المخالف أنقص من حديث من خالفه من الحفاظ، وجعل نقصان هذا الراوي من الحديث دليلاً على صحته؛ لأنه يدل على تحريه، وجعل ما عدا ذلك مضرا بحديثه، فدخلت فيه الزيادة، فلو كانت مقبولة مطلقا لم تكن مضرة بحديث صاحبها " (١).

وبين الحافظ العراقي مذهب الإمام الشافعي بقوله: "وقد أعل الشافعي رواية قد خالف مالكاً فيها سبعة أو ثمانية لقيهم هو، يعني منهم سفيان بن عيينة والدراوردي والثقفي قال: والعدد الكثير أولى بالحفظ من واحد " (٢).

وقد وقفت على كلام نفيس للحافظ ابن رجب إذ قال:" وفي حكاية ذلك عن الشافعي نظر فانه قال في الشاذ: هو أن يروي ما يخالف الثقات. وهذا يدل على أن الثقة إذا انفرد عن الثقات بشيء انه يكون ما انفرد به شاذا غير مقبول " (٣).

وهذا يعني أن التفرد عند الشافعي إذا كان يخالف أقرانه في زيادة لفظة أو رجل فأن ذلك يعني أنّ حديثه شاذ، خطأً، كما صرح هو بذلك.

فالخلاصة: أنّ الإمام الشافعي يقبل زيادة الثقة إذا كانت متكافئة، راوٍ واحد أمام واحد، أو جماعة أمام جماعة، أما إذا انفرد راوٍ واحد عن جماعة الثقات فهذا يعد شاذاً خطأً.

[المطلب الثالث: مذهب الإمام أحمد بن حنبل]

جاءت الروايات متناقضة في مذهب الإمام أحمد -رحمه الله- في قبول الزيادة أو ردها، ولم ينقل نص صريح عن الإمام في قبول الزيادة إلا ما جاء استنتاجاً يستنتجه المتتبع لصنيعه في الأحاديث وأحكامه على الأسانيد.

يقول الحافظ ابن رجب: " وأما أصحابنا الفقهاء: فذكروا في كتب أصول الفقه في هذه المسألة روايتين عن أحمد: بالقبول مطلقاً، وعدمه مطلقاً، ولم يذكروا نصاً له بالقبول مطلقاً مع انهم رجحوا هذا القول، ولم يذكروا به نصاً عن أحمد، وإنما اعتمدوا على كلام له، لا يدل على ذلك مثل قوله في فوات الحج: جاء فيه روايتان أحدهما: فيه زيادة دم،


(١) نزهة النظر ص ٥٠.
(٢) الأمالي العراقية ص٥٥، بتصرف يسير في أوله.
(٣) شرح العلل ٢/ ٦٣٧.

<<  <   >  >>