للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا وجدنا للشيخ المتفرد بالزيادة متابعاً فإنه يخرج من دائرة الزيادة ولا يصح التمثيل به حينئذٍ.

أقول: قد نتج عن هذا الخلط نسبة الكثير من الأقوال إلى الأئمة المتقدمين نسبة خاطئة، إذ اقتطعوا من أقوالهم في مناقشة حديث ما في موضع الاختلاف"مختلف الحديث"ونسبوه لهم على أنه يتحدث عن زيادة الثقة-بمفهوم المتأخرين-.

فمثلاً:

١ - جاء عن الإمام الشافعي أنه قال:" العدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد " (١).

أورده الحافظ ابن حجر استدلالاً على أن الشافعي يفصل الأمر في زيادة الثقة (٢).

أقول: الإمام الشافعي لم يتكلم عن زيادة الثقة حينما أورد هذا النص وإنما كان يتكلم عن حديثين متكافئين في الصحة مختلفين في المخرج في أحدهما زيادة تخالف الآخر: حديث البراء بن عازب، وحديث ابن عمر - رضي الله عنهم - في رفع اليدين في الصلاة، قال الشافعي رحمه الله:"وبهذه الأحاديث تركنا ما خالفها من الأحاديث قال الشافعي لأنها أثبت إسناداً منه

وأنها عدد"والعدد أولى بالحفظ من الواحد" فإن قيل: فإنّا نراه رأى المصلي يرخي يديه فلعله أراد رفعهما فلو كان رفعهما مداً احتمل مداً حتى المنكبين واحتمل ما يجاوزه ويجاوز الرأس ورفعهما ولا يجاوز المنكبين وهذا حذو حتى يحاذي منكبيه وحديثنا عن الزهري أثبت إسناداً ومعه عدد يوافقونه ويحددونه تحديداً لا يشبه الغلط والله أعلم فإن قيل: أفيجوز أن يجاوز المنكبين؟ قيل: لا ينقض الصلاة ولا يوجب سهواً والاختيار أن لا يجاوز المنكبين.

باب الخلاف فيه:

قال الشافعي: فخالفنا بعض الناس في رفع اليدين في الصلاة، فقال: إذا افتتح الصلاة المصلي رفع يديه حتى يحاذي أذنيه ثم لا يعود يرفعهما في شيء من الصلاة، واحتج بحديث رواه يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب قال رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم -:"إذا افتتح الصلاة يرفع يديه".

قال سفيان: ثم قدمت الكوفة فلقيت يزيد بها فسمعته يحدث بهذا، وزاد فيه: " ثم لا


(١) اختلاف الحديث ص ١٧٧.
(٢) النكت ٢/ ٦٨٨.

<<  <   >  >>