للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن نتوهم في كل ما لم يرو أنه علم فيه لم يقل لنا علمنا ولو روى عنهما خلافه لم يكن عندك فيه حجة فقال وائل أعرابي فقلت: أفرأيت قرنعاً الضبي وقزعة وسهم بن منجاب حين روى إبراهيم عنهم وروى عن عبيد بن نضلة أهم أولى أن يروي عنهم أم وائل بن حجر، وهو معروف عندكم بالصحابة وليس واحد من هؤلاء فيما زعمتم معروفاً عندكم بحديث ولا شيء، قال: بل وائل بن حجر، قلت: فكيف ترد حديث رجل من الصحابة وتروي عمن دونه ونحن إنما قلنا برفع اليدين عن عدد لعله لم يرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئاً قط عدداً أكثر منهم غير وائل بن حجر ووائل أهل أن يقبل عنه " (١).

لهذا قال الإمام الشافعي: والعدد أولى بالحفظ من الواحد (٢).

فمن هنا خلط المتأخرون بين هذين المفهومين.

وهذا بالاتفاق ليس من قبيل زيادة الثقة. وأما إذا روى الثقة ما لم يروه غيره من الثقات أقرانه فإنه شاذ غير مقبول، قال ابن رجب:"وفي حكاية ذلك-قبول الزيادة- عن الشافعي نظر فإنه قال في الشاذ: هو أن يروي ما يخالف الثقات، وهذا يدل على أن الثقة إذا انفرد عن الثقات بشيء أنه يكون ما انفرد به شاذاً غير مقبول، والله اعلم " (٣).

وهذا يعني أن التفرد عند الشافعي إذا كان يخالف أقرانه في زيادة لفظة أو رجل فإن ذلك يعني أن حديثه شاذ (٤)، وسيأتي تفصيله.

٢ - ذهب جمهور الحنابلة من الفقهاء إلى نسبة القول إلى الإمام أحمد أنه يقبل الزيادة من الثقة اعتماداً على صنعه في بعض الأحاديث.

قال ابن رجب:"وأما أصحابنا: فذكروا في كتب أصول الفقه في هذه المسألة روايتين عن أحمد: بالقبول مطلقاً، وعدمه مطلقاً، ولم يذكروا نصاً له بالقبول مطلقاً مع أنهم رجحوا هذا القول، ولم يذكروا به نصاً عن أحمد، وإنما اعتمدوا على كلام له، لا يدل على ذلك مثل قوله في فوات الحج: جاء فيه روايتان أحدهما: فيه زيادة دم، قال: والزائد أولى أن يؤخذ، وهذا ليس مما نحن فيه فإن مراده أن الصحابة روى بعضهم فيمن


(١) اختلاف الحديث ص١٧٧ - ١٧٩.
(٢) اختلاف الحديث ص١٧٧.
(٣) شرح العلل ٢/ ٦٣٧.
(٤) انظر ص ٩٩ من هذا البحث.

<<  <   >  >>