للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القواعد الكلية للشريعة الإسلامية، في حين اعتمد المتأخرون على كتب المصطلح القائمة أصلا على معرفة الرواة فكان جل حكمهم ينصب على الأسانيد لا على المتون فتكون الأسانيد حاكمة على المتون، وقد مر قول ابن أبي حاتم في ترجمة أحمد بن إبراهيم الحلبي: " سألت أبي عنه، وعرضت عليه حديثه فقال: لا أعرفه، وأحاديثه باطلة موضوعة كلها ليس لها أصول، يدل حديثه على أنه كذاب" (١).

وقد كان الحديث عند المتقدمين يعتمد على قواعد ثلاث: رواية -أعني من حيث السند أو المتن -، والدراية، والفقه.

يقول علي بن المديني:" التفقه في معاني الحديث نصف العلم، ومعرفة الرجال نصف العلم" (٢).

فليس العالم الذي يتعلم نصفاً، ويدع النصف الثاني، فتنزلق قدمه، وقد تُدقُ عنُقهُ! قال عبد الله بن وهب: "لولا الله أنقذني بمالك والليث لضللت. فقيل له: كيف ذلك؟ قال: أكثرت من الحديث فحيّرني، فكنت أعرض ذلك على مالك والليث فيقولان لي: خذ هذا ودع هذا " (٣).

وقال قتادة بن دعامة السدوسي: " من لم يعرف الاختلاف لم يشم أنفه الفقه " (٤).

وقال سفيان الثوري:" لو كان أحدنا قاضياً لضربنا بالجريد فقيهاً لا يتعلم الحديث، ومحدثاً لا يتعلم الفقه " (٥).

وقال أيضاً: " تفسير الحديث خير من الحديث " (٦)، أي خير من سماعه، وحفظه كما ورد عن أبي أسامة: " تفسير الحديث خير من سماعه " (٧). وهذا يعني فهم فقه الحديث ومعناه.


(١) الجرح والتعديل ٢/ ٤٠ ترجمة (٥).
(٢) سير أعلام النبلاء، الذهبي ١١/ ٤٨.
(٣) ترتيب المدارك، القاضي عياض ٢/ ٤٢٧، وأصل النص عند ابن حبان في المجروحين ١/ ٤٢ بلفظ قريب.
(٤) جامع بيان العلم، ابن عبد البر ٢/ ٤٦، وانظر نظرات جديدة في علوم الحديث، المليباري ص٥٥.
(٥) نقله الكتاني في مقدمة نظم المتناثر من الحديث المتواتر ص٣.
(٦) أدب الإملاء، السمعاني ص١٣٥، وانظر نظرات جديدة، المليباري ٥٦.
(٧) مصدر سابق.

<<  <   >  >>