للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نقل كل من شهد لرد معظم الأحاديث

والذي يعضد ما ذكرناه أن الشهادات تبر في وجوه من التعبدات على الروايات وهي تضاهيها في أصل اعتبار الثقة ثم لو شهد جمع من العدول رجلاً وشهدوا على إقراره لإنسان وانفرد عدلان من الشهود الحضور بمزيد في شهادتهما فهي مقبولة ولا يقدح فيها سكوت الباقين عنها فإذا كان ذلك لا يقدح في الشهادات مع أنها قد ترد بالتهم فالروايات بذلك أولى ولما ذكرناه من فن القياس ولكنا أوردنا ما أوردناه استشهاداً في تحقيق الثقة.

قال الشافعي: من متناقض القول الجمع بين قبول رواية القراءة الشاذة في القرآن وبين رد الزيادة التي ينفرد بها بعض الرواة الثقات مع العلم بأن سبيل إثبات القران أن ينقل استفاضة وتواتراً فما كان أصله كذلك إذا قبلت الزيادة فيه شاذة نادرة فلأن تقبل فيما سبيل نقله الآحاد كان أولى. وهذه المسألة عندي بينة إذا سكت الحاضرون عن نقل ما تفرد به بعضهم فأما إذا صرحوا بنفي ما نقله عند إمكان اطلاعهم على نقله فهذا يعارض قول المثبت ويوهيه وقد أرى قبول الشهادة على النفي إن فرض الاطلاع عليه تحقيقاً" (١).

خامساً: عند الإمام الغزالي (٥٠٥) هـ:

قال: "انفراد الثقة بزيادة في الحديث عن جماعة النقلة مقبول عند الجماهير، سواء كانت الزيادة من حيث اللفظ أو من حيث المعنى لأنه لو انفرد بنقل حديث عن جميع الحفاظ لقبل، فكذلك إذا انفرد بزيادة لأن العدل لا يتهم بما أمكن فإن قيل: يبعد انفراده بالحفظ مع إصغاء الجميع قلنا: تصديق الجميع أولى إذا كان ممكناً وهو قاطع بالسماع والآخرون ما قطعوا بالنفي فلعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذكره في مجلسين فحيث ذكر الزيادة لم يحضر إلا الواحد أو كرر في مجلس واحد وذكر الزيادة في إحدى الكرتين ولم يحضر إلا الواحد ويحتمل أن يكون راوي النقص دخل في أثناء المجلس فلم يسمع التمام أو اشتركوا في الحضور ونسوا الزيادة إلا واحداً أو طرأ في أثناء الحديث سبب شاغل مدهش فغفل به البعض عن الإصغاء فيختص بحفظ الزيادة المقبل على الإصغاء أو عرض لبعض السامعين خاطر شاغل عن الزيادة أو عرض له مزعج يوجب قيامه قبل التمام فإذا احتمل ذلك فلا


(١) البرهان في أصول الفقه ١/ ٤٢٥ - ٤٢٦.وانظر الابهاج، السبكي ٢/ ١٤١.

<<  <   >  >>