للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخرج حديث مالك عن وهب بن كيسان: أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بطعام ومعه ربيبه عمر ابن أبي سلمة فقال: " سمِّ الله وكل ممّا يليك " (١)، فاختار رواية مالك المرسلة التي أخرجها في الموطأ (٢)،وترك الموصولة التي صحت عن مالك خارج الموطأ (٣)،مع أن الرواية الموصولة وإن كانت خارج الموطأ فقد رواها اثنان ممن أخرج لهما في صحيحه وهما: خالد بن مخلد القطواني ويحيى بن صالح الوحاظي، فأخرج الطحاوي في شرح المشكل (١٥٥) رواية يحيى بن صالح، وأخرج الدارمي (٢٠٢٥) و (٢٠٥١) والطحاوي في شرح المشكل (١٥٤) من طريق خالد بن مخلد، ولذلك قال الدارقطني في الإلزامات والتتبع:"وهذا الحديث أرسله مالك في الموطأ، ووصله عنه خالد بن مخلد ويحيى بن صالح وهو صحيح متصل".

نعم أخرج البخاري الرواية الموصولة عن غير مالك (٥٣٧٧) لكنه اقتصر في رواية مالك على الرواية المرسلة، لأنَّ هذه الزيادة عن مالك لم تصح عنده، وإنْ صحت عند غيره، وهذا يبين بوضوح أنَّه يعل الرواية المتصلة بالمرسلة.

وكذا الأحاديث المعلقة أو المرسلة التي يوردها في صحيحه تاركاً الطرق الموصولة لعلة يراها، إمّا لكون الراوي الذي زاد أقل حفظاً أو ضبطاً، أو لأن الذين أرسلوه أكثر فيتركها البخاري لهذه الأسباب أو لغيرها.

وأحياناً يورد الرواية المرسلة ثم يعقبها بالمتصلة وهذا غاية في الإعلال لأنه أراد أن ينبه على كون المرسلة أصح، وأن المتصلة لم تفته فأخرجها عقبها - والله أعلم - ومثالها: ما أخرجه في (٤٣٢٠) فقال: " حدثنا أبو النعمان، قال: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع أن عمر قال: يا رسول الله .. (ح) وحدثني محمد بن مقاتل قال: أخبرنا عبد الله قال: أخبرنا معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: لمّا قفلنا من حنين سأل عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن نذر كان نذره في الجاهلية اعتكاف فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بوفائه ". وقال بعضهم: حماد عن أيوب عن نافع ابن عمر. ورواه جرير بن حازم وحماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

فهنا أورد البخاري طريق حماد بن زيد عن أيوب عن نافع أن عمر - مرسلاً -


(١) أخرجه برقم (٥٣٧٨).
(٢) الموطأ (١٦٩٨).
(٣) انظر الإلزامات والتتبع ص٢٤٥، وفتح الباري ٩/ ٦٥٤.

<<  <   >  >>