للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من ليس بالموصوف بالحفظ والإتقان كالصنف المقدم قبلهم على أنهم وإن كانوا فيما وصفنا دونهم فإن اسم الستر والصدق وتعاطي العلم يشملهم كعطاء بن السائب ويزيد بن أبي زياد وليث بن أبي سليم وأضرابهم من حمال الآثار ونقال الأخبار فهم وإن كانوا بما وصفنا من العلم والستر عند أهل العلم معروفين فغيرهم من أقرانهم ممن عندهم ما ذكرنا من الإتقان والاستقامة في الرواية يفضلونهم في الحال والمرتبة لأن هذا عند أهل العلم درجة رفيعة وخصلة سنية. فأما ما كان منها عن قوم هم عند أهل الحديث متهمون أو عند الأكثر منهم فلسنا نتشاغل بتخريج حديثهم كعبد الله بن مسور أبي جعفر المدائني وعمرو بن خالد وعبد القدوس الشامي ومحمد بن سعيد المصلوب وغياث بن إبراهيم وسليمان بن عمر وأبي داود النخعي وأشباهم ممن اتهم بوضع الأحاديث وتوليد الأخبار وكذلك من الغالب على حديثه المنكر أو الغلط أمسكنا أيضا عن حديثهم، ... وسنزيد

أن شاء الله تعالى شرحاً وإيضاحا في مواضع من الكتاب عند ذكر الأخبار المعللة إذا أتينا عليها في الأماكن التي يليق بها الشرح والإيضاح أن شاء الله تعالى " (١).

فالإمام مسلم قسم الأحاديث في صحيحه إلى ثلاثة أقسام:

أولاً: حديث الباب وهو أصح الأحاديث الأخرى، وأنقاها من العيوب.

ثانياً: أحاديث تتلو ذلك (متابعات، وشواهد):وهي أقل صحة من الأولى، فقد يقع في إسنادها من ليس موصوفاً بالحفظ والإتقان، ولكن القاعدة المشتركة بينهم أنهم جميعاً ممن يشملهم اسم الستر والصدق يعني أهل مرتبة (صدوق، وضعيف يعتبر به) ومثل لهم بعطاء بن السائب، ويزيد بن أبي زياد، وليث بن أبي سليم وأضرابهم.

ثالثاً: أحاديث معلولة ساقها لبيان عللها، وعادة ما يأتي بها بعد إيراد الأحاديث الصحيحة.

ومما تقدم يتضح أن الإمام مسلم بن الحجاج قد فصل بين الحديث الذي يمكن أن يدون في الكتاب، وبين أحاديث المتهمين والكذابين، التي لا يجوز عنده التشاغل بها.

ثم قسم الأحاديث المذكورة في صحيحه إلى ثلاثة أقسام -كما مرت - وهي: الأصول، والمتابعات والشواهد ثم بعض الأحاديث المعلولة التي يريد التنبيه إليها (٢).


(١) مقدمة الصحيح ١/ ٤ - ٦.
(٢) مقدمة الصحيح ١/ ٤ - ٥.

<<  <   >  >>