للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن يقرأ سننه، وأقواله في العلل يعرف ذلك.

وقد استقرأت سننه (الكبرى، والمجتبى) لأعرف منهجه في قبول الزيادة أو ردها فوجدته يسلك مسلك الأئمة المتقدمين في ذلك، فهو يقبل زيادة الثقة بشروطها التي بيناها، ويردّها بمفهوم المتأخرين إذا ما تفرد بها -راوٍ واحد- عن جماعة الرواة في الشيخ نفسه، سنداً أو متناً.

وعمدتي في ذلك أقواله التي يعل بها الأحاديث، أما ما سكت عنه فإنني لا أتعرض له لأنني لا أدري لعله يقبلها أو يردها؟

ولكن من خلال الأحاديث التي صرح بها قبولاً أو رداً وجدته على منهجية واضحة ثابتة وهي رد الزيادة إذا خالف راويها بقية الرواة -كما أسلفنا-.

وقد سبقني إلى هذا زميلنا الطالب محمد محمود سليمان في رسالته: " علل الحديث وتطبيقاتها في كتاب المجتبى للإمام النسائي "؛ إلى دراسة منهجية النسائي في قبول الزيادة أو ردها في فصل مستقل ولكنني لم أقف على تصريح منه يبين فيما إذا كان يقبل الزيادة أم لا؟ سوى الأمثلة التطبيقية، وقد ناقشها مناقشة جيدة، بان من خلالها أن الإمام النسائي لم يقبلها، بل يعل الرواية المتصلة بالمرسلة، والمرفوعة بالموقوفة إذا كان راويها واحداً انفرد عن أقرانه الثقات بها.

وكل الأمثلة التي مثل بها الباحث كانت تقضي بهذا الأمر، ولم يذكر مثلاً واحداً قبل فيه الإمام النسائي الزيادة، على منهجية المتأخرين (١)،وهذا هو الذي وقفنا عليه من خلال استقرائنا لمنهجه في كتابه السنن، وسأذكر بعض الأمثلة التي تبين ذلك:

١ - أخرج النسائي في الكبرى ٢/ ٢٥٤ (٣٣٢٠): فقال:

أنبأنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا سفيان، عن عاصم، عن حفصة بنت سيرين، عن الرباب، عن عمها سلمان بن عامر يبلغ به النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإنه بركة، وإن لم يجد تمراً فالماء فإنه طهور ". قال أبو عبد الرحمن: هذا الحرف (فإنه بركة)،لا نعلم أن أحداً ذكره غير ابن عيينة، ولا أحسبه محفوظاً.

أقول: دار الحديث على عاصم الأحول رواه عنه:

- الثوري: أخرجه أحمد ٤/ ١٧، والترمذي (٦٩٥)، والنسائي في الكبرى ٢/ ٢٥٤


(١) انظر علل الحديث وتطبيقاتها في كتاب المجتبى ص٢٩٢ - ٣٣٣.

<<  <   >  >>