للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حدّث الجماعة من الحفاظ دون الواحد المنفرد وإن كان حافظاً، على هذا المذهب رأينا أهل العلم بالحديث يحكمون في الحديث مثل شعبة وسفيان بن عيينة ويحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهم من أئمة أهل العلم، وسنذكر

من مذاهبهم وأقوالهم في حفظ الحفاظ وخطأ المحدثين في الروايات ما يستدل به على تحقيق ما فسرت لك " (١).

وهذا هو مذهب المتقدمين كما قال الإمام مسلم فهم يقضون برواية الجماعة على الواحد وعندهم: العدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد، إذ في العدد الكثير تقل احتمالية نسبة الخطأ إليهم، بخلاف الواحد وإنْ كان حافظاً فاحتمالية الخطأ والوهم واردة منه.

ولعل أحدهم يورد شبهة وهي: إنّ كلام الإمام مسلم هنا لا يعني الزيادة التي معناها تفرد راوٍ واحد عن الجماعة - إذا كانوا ثقات - في نفس الشيخ بزيادة في السند أو المتن.

فأقول: قد يشمل النص السابق للإمام مفهوم كل مخالفة ولكنّ الزيادة تدخل في معنى كلامه جزماً، إذ قد انطبق ذلك في أمثلة، وعَدَ الإمام مسلم بإيرادها في تتمة النص: " وسنذكر من مذاهبهم وأقوالهم ... ".

ثم أورد تلكم الأمثلة فمنها:-

١ - في ص٢٠٢ (٧٩) رد زيادة أبي قيس عبد الرحمن بن ثروان وهو صدوق، في حديث المسح على النعلين فبوّب:"ذكر خبر ليس بمحفوظ المتن ثم مثل له فقال:"حدثنا يحيى بن يحيى قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي قيس عن هزيل بن شرحبيل عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ ومسح على الجوربين والنعلين ".

٢ - وردّ زيادة عبد العزيز بن أبي رواد ص٢١١ (٩٢)، تحت عنوان باب: "ذكر رواية فاسدة بين خطؤها بخلاف الجماعة من الحفاظ". فمثل له فقال:"حدثني القاسم بن زكريا بن دينار قال: حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر كان الناس يخرجون صدقة الفطر في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - صاع شعير أو تمر أو سلت أو زبيب فلما كان عمر وكثرت الحنطة جعل عمر نصف صاع حنطة مكان صاع من تلك الأشياء وسنذكر إن شاء الله من رواية أصحاب نافع بخلاف ما روى عبد العزيز".


(١) التمييز ص١٧٠ - ١٧٢ بتصرف.

<<  <   >  >>