للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

" الإلزامات والتتبع " يعرف مقدار علميته وحافظته، وقد استهواني الإمام الدارقطني كثيراً في بحثي هذا، فلا يكاد ينفك من لساني وقلمي يوماً من الأيام، بل مرت لحظات لم أشعر إلاّ وأنا أقبل كتابه العلل، أو التتبع إعجاباً وإكباراً له؟ ‍‍فهو بحق أمير المؤمنين في العلل (١)،ولم يأت بعده أحدٌ بمثل علميته وبمثل مقدرته على نقد المتون والأسانيد.

وقد سلك الإمام الدارقطني جادة المتقدمين في قبول الزيادة وفي ردها، ولا يعني ذلك أنه التقليد المذموم، بل هو الاتباع القائم على أسس النقد وعلى سبر الروايات والطرق.

وفيما يتعلق بموضوعنا - زيادة الثقة - وجدت أن الدارقطني قد صرح بقبولها في علله في أكثر من موضع فقال: " زيادة الثقة مقبولة "، وكانت تلك الأحاديث هي من المختلف أي زيادة الواحد على الواحد، أو الجماعة على الجماعة وسنذكرها:

١ - حديث١/ ١٦٦ (٤):"وسئل عن حديث عمر عن أبي بكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:"سلوا الله العفو والعافية "الحديث، فقال: رواه حميد بن عبد الرحمن الحميري البصري، واختلف عنه فرواه قتادة عن حميد بن عبد الرحمن عن عمر عن أبي بكر، حدث به سليم بن حيان عن قتادة كذلك، واختلف عن سليم فقيل عنه عن قتادة عن حميد الحميري عن ابن عباس عن عمر عن أبي بكر، حدثنا بذلك محمد بن مخلد قال: حدثنا حاتم بن الليث، قال: حدثنا بحر بن سُويد الحنفي، قال: حدثنا الأصمعي، قال: حدثنا سليم بن حيان، ورواه أبو التياح فخالف قتادة، فرواه عن حميد بن عبد الرحمن الحميري عن أبي بكر، ولم يذكر عمر ولا ابن عباس، وقول سليم بن حيان فيه أصح لأنه ثقة، وزاد فيه عمر وزيادته مقبولة".

قلت: قبل زيادة الثقة لما كانت من واحد أمام واحد (٢).

٢ - وفي ٢/ ٧٤ (١٢٠): " وسئل عن حديث أبي الصديق الناجي عن ابن عمر عن عمر أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عما يذيل النساء من الثياب، فقال: " شبراً " .. الحديث؟ فقال: هو الحديث رواه مسعود بن سعد الجُعفي عن مطرف عن زيد العمي عن أبي الصديق الناجي


(١) هذا بالنسبة لمن خلفه، وليس لمن سبقه: فأين هو من الزهري، ومالك، وابن مهدي والسفيانين، وأبي حاتم، وأبي زرعة، وأحمد، والبخاري ومسلم، وغيرهم.
(٢) وانظر العلل ٢/ ١٨٢ (٢٠٥) كمثال على قبوله جماعة أمام جماعة.

<<  <   >  >>