للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكرناه في الشاذ فإنه بمعناه مثال الأول، وهو المنفرد المخالف لما رواه الثقات: رواية مالك عن الزهري عن علي بن حسين عن عمر بن عثمان عن أسامة بن زيد عن رسول

الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم" (١) فخالف مالك غيره من الثقات في قوله عمر بن عثمان، بضم العين، وذكر مسلم صاحب الصحيح في كتاب " التمييز " (٢): أن كل من رواه من أصحاب الزهري قال فيه: عمرو بن عثمان يعني بفتح العين، وذكر أن مالكاً كان يشير بيده إلى دار عمر بن عثمان كأنه علم أنهم يخالفونه، وعمرو وعمر جميعاً ولدا عثمان غير أن هذا الحديث إنما هو عن عمرو بفتح العين وحكم مسلم وغيره على مالك بالوهم فيه والله أعلم.

ومثال الثاني، وهو الفرد الذي ليس في راويه من الثقة والإتقان ما يتحمل معه تفرده: ما رويناه من حديث أبي زكريا يحيى بن محمد بن قيس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"كلوا البلح بالتمر فإن الشيطان إذا رأى ذلك غاظه ويقول عاش ابن آدم حتى أكل الجديد بالخلق" (٣).

تفرد به أبو زكريا وهو شيخ صالح، أخرج عنه مسلم في كتابه غير أنه لم يبلغ مبلغ من يتحمل تفرده والله أعلم " (٤).

وقال النووي ت (٦٧٦): " قال الحافظ البرديجي: هو الفرد الذي لا يعرف متنه عن غير راويه، وكذا أطلقه كثيرون، والصواب فيه التفصيل الذي تقدم في الشاذ " (٥).

وقال ابن دقيق العيد ت (٧٠٢): " وهو كالشاذ، وقيل هو ما انفرد به الراوي وهو قول منقوض بالأفراد الصحيحة " (٦).

وقال الذهبي ت (٧٤٨):"المنكر ما تفرد الراوي الضعيف به، وقد يعد مفرد


(١) أخرجه الشيخان، انظر تخريجه في المسند الجامع ١/ (١٣٩).
(٢) قلت: لم أقف عليه في النسخة الظاهرية التي حققها الأعظمي، فلعلها في غير نسخة، أو هي سبق قلم من الابن الصلاح والله أعلم.
(٣) أخرجه الحاكم ٤/ ١٣٥.
(٤) مقدمة ابن الصلاح ص٨٠.
(٥) تقريب النواوي بشرحه تدريب الراوي ١/ ١٩٩.
(٦) الاقتراح ص١٩٨.

<<  <   >  >>