للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم - فهذا الاستدلال مردود لأن حديث أبي سعيد لا يصح البتة، وقد أجمع أهل العلم على أن الحديث لم يصح إلا من طريق عمر وبالإسناد المعروف: يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن علقمة بن وقاص عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وقال الحافظ العراقي:

وذو الشذوذ ما يخالف الثقة فيه الملا فالشافعي حققه

والحاكم الخلاف فيه ما اشترط وللخليلي مفرد الراوي فقط

ورد ما قالا بمفرد الثقة كالنهي عن بيع الولا والهبة

وبقول مسلم روى الزهري تسعين فرداً كلها قوي (١)

فالحافظ العراقي قد اعترض على الحاكم والخليلي بما تفرد به الثقة؟ فإنه مقبول، ومثل له بحديث "النهي عن بيع الولاء وهبته" (٢)، فإنه لم يصح إلا من طريق عبد الله بن دينار عن ابن عمر حتى قال مسلم عقبه: " الناس كلهم في هذا الحديث عيال عليه" (٣)، وكذا بما قاله الإمام مسلم: " وللزهري نحو من تسعين حديثاً يرويه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يشاركه فيه أحد بأسانيد جياد" (٤)

أقول: إن أبا عبد الله الحاكم أول من تكلم من كتّاب المصطلح في الشاذ وكلامه في كتابه " معرفة علوم الحديث " واضح بين، وهو أن الشاذ ما انفرد به الثقة وليس للحديث أصل متابع لذلك الثقة في المتن أو الإسناد، وقد مثل بثلاثة أمثلة، منها ما ذكره بقوله: "حدثنا أبو بكر محمد بن احمد بن بالويه قال: حدثنا موسى بن هارون قال: حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل عن معاذ بن جبل:" أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل زيغ الشمس أخر الظهر حتى يجمعها إلى العصر فيصليهما جميعاً، وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعاً، ثم سار وكان إذا ارتحل قبل المغرب أخر المغرب حتى يصليها مع العشاء، وإذا ارتحل بعد المغرب عجل العشاء فصلاها مع المغرب ".


(١) فتح المغيث، السخاوي ١/ ٢١٧.
(٢) أخرجه البخاري (٦٧٥٦)، ومسلم ٢/ ١١٤٥ (١٥٠٦).
(٣) مسلم ٢/ ١١٤٥ (١٥٠٦).
(٤) مسلم ٣/ ١٢٦٨ (١٦٤٧).

<<  <   >  >>