«والآن نبدأ بتفصيل صفات أهل العقد والاختيار، فليقع البداية بمحل الإجماع في صفة أهل الاختيار، ثم ينعطف على مواضع الاجتهاد والظنون، فما نعلمه قطعاً أنَّ النسوة لا مدخل لهن في تخير الإمام وعقد الإمامة، فإنهن ما رُوجِعن قط، ولو اسْتُشِير في هذا الأمر امرأة لكان أحرى النساء وأجدرهن بهذا الأمر فاطمة ـ رضي الله عنها ـ، ثم نسوة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، أمهات المؤمنين، ونحن بابتداء الأذهان نعلم أنه ما كان لهن في هذا المجال مخاض في منقرض العصور ومَكَرّ الدهور» اهـ.
ثالثاً: بنى الأستاذ محمد حسين على هذه القصة الضعيفة أن العذراء الصغيرة قد أبدت رأيها في اختيار الخليفة فلابد أن لرأي النساء تأثيراً في اختيار الخليفة.
ونقول له: في هذه القصة (الضعيفة) أيضاً أنه شاور الولدان في المكاتب (أي الكتاتيب) فهل ـ من وجهة نظر الأستاذ محمد حسين ـ للصبيان في المدارس الإبتدائية الحق في اختيار الخليفة بناء على استدلاله بهذه القصة الضعيفة.
هل للمرأة حق في انتخاب أهل الحل والعقد؟
استدل الأستاذ محمد حسين على ذلك بما اعتقد أنه حق لها في انتخاب الخليفة ـ وقد تبين بطلان ذلك ـ فبنى هذا الحكم على أصل باطل حيث قال (ص١١٠): «أهل الحل والعقد اصطلاح إسلامي يطلق على من يُكْتَفَى بمشاورتهم دون الأمة، وتعتبر مشاورتهم بمنزلة مشاورة جميع أفراد الأمة، فتتبعهم الأمة فيما يرون وتثق بهم لما تعرفه من حسن الرأي والمعرفة بالأمور، ومن الحرص على مصالح الأمة، مع تقوى وعدالة ومخافة الله تعالا، فهؤلاء هم الذين تفوضهم الأمة في انتخاب الخليفة ومشاورته في الأمور، فهم أهل الشورى وهم في اصطلاح العصر يطلق عليهم: مجلس الشورى أو مجلس الأمة، أو نواب الشعب، وقد تبين فيما سبق أن للمرأة حق انتخاب الخليفة بطريقة مباشرة مع جميع أفراد الأمة مثل ما يسمى بالاستفتاء العام، وأما حق المرأة في انتخاب أهل الحل والعقد فهذا يثبت لها من باب الأولا؛ لأنها تملك انتخاب الخليفة فيكون لها من باب الأولى انتخاب من ينتخب الخليفة» اهـ كلامه.