الناس أقوالهم على الصلاح والعدالة حتى يتبين منهم ما يوجب القدح [فيُجرح بما ظهر منه من الجرح]، هذا حكم المشاهير من الرواة، فأما المجاهيل الذين لم يرو عنهم إلا الضعفاء فهم متروكون على الأحوال كلها». (الضعفاء: ٢/ ١٩٢ - ١٩٣) والزيادة من ترجمة عائذ الله المجاشعي.
ثم قال الحافظ: «قلت: وهذا الذي ذهب إليه ابن حبان من (أن الرجل إذا انتفت جهالة عَيْنِه كان على العدالة حتى يتبين جرحه) مذهب عجيب، والجمهور على خلافه، وهذا مسلك ابن حبان في (كتاب الثقات) الذي ألفه، فإنه يذكر خلقا نص عليهم أبو حاتم وغيره على أنهم مجهولون، وكأنّ عند ابن حبان أنّ جهالة العين ترتفع برواية واحد مشهور، وهو مذهب شيخه ابن خزيمة، ولكن جهالة حاله باقية عند غيره». هذا كله كلام الحافظ.
ومن عجيب أمر ابن حبان أنه يورد في الكتاب المذكور ـ بناء على هذه القاعدة المرجوحة ـ جماعة يصرح في ترجمتهم بأنه «لا يعرفهم ولا آباءهم»! فقال في الطبقة الثالثة: «سهل، يروي عن شداد بن الهاد، روى عنه أبو يَعْفور، ولست أعرفه، ولا أدري مَنْ أبوه».
ومن شاء الزيادة في الأمثلة فليراجع (الصارم المُنْكي: ص ٩٢ - ٩٣)، وقد قال بعد أن ساقها:«وقد ذكر ابن حبان في هذا الكتاب خلقا كثيرا من هذا النمط، وطريقته فيه أنه يذكر من لم يعرفه بجرح وإن كان مجهولا لم يعرف حاله، وينبغي أن ينتبه لهذا ويعرف أن توثيق ابن حبان للرجل بمجرد ذكره في هذا الكتاب من أدنى درجات التوثيق».
ولهذا نجد المحققين من المحدثين كالذهبي والعسقلاني وغيرهما لا يوثقون من تفرد بتوثيقه ابن حبان. انتهى كلام الشيخ الألباني (بتصرف).
٢ - على فرض صحة الأثر ـ وقد تبين ما فيه ـ فإن كلام أبي أمامة - رضي الله عنه - لا يعدو أن يكون مثل كلام عمر - رضي الله عنه - وقد سبق بيان معناه.