للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فما وجدت بنتاً منهن يهولها منظر تلك الحيوانات، أو تتهيأ لها بعبعاً، أو غولاً، أو عفريتاً! وذلك لحكمة تعلمهن في المدرسة مناظرها مصورة على الأوراق فيما قبل.

ومن جملة ما شاهدته من نوادر ذلك المعرض الحمير، وقد تهافت عليها الناس نساء ورجلاً وصبياناً يرمون إليها بالحشائش، وهي تدنو إليهم تلعب لهم، ولحظت منها حماراً ساكناً ينظر يميناً ويساراً سائل الدموع كأنه يذكر الربوع، فأذكرني أخاه حمار بشار بن برد، حيث أضناه الهوى، فأصبح صريع الجوى، حيث قيل في أحاديث الشجون، وأساطير المجون، أن محمد بن الحجاج قال: جاءنا بشار يوماً وهو مغتم، فقلت له مالك مغتماً؟ فقال مات حماري، فرأيته في النوم، فقلت

له: لم مِتَّ؟ ألم أكن أُحسن إليك؟ فقال:

سيدي خذْ لي أتانا ... عند باب الأصبهاني

تيَّمتني ببنان ... وبِدِلٍّ قد شجاني

تيَّمتني يوم رحنا ... بثناياها الحسان

وبغَنجٍ ودلالٍ ... سَلَّ جسمي وبراني

ولها خدُّ أسيلٌ ... مثل خد الشنفراني

فلذا متُّ ولو عش ... ت إذاً طال هواني

<<  <   >  >>