بحيث تصنع ضلعاً أكبر مقابلاً لزاوية منفرجة أحد ضلعيها الجبل، والآخر المنحدر، وتصعد عليها العربة بواسطة حبال، تسحبها آلة بخارية في أعلى الجبل، ومذ صعدنا ألفينا حرشاً صغيراً مستوراً بالأشجار، وحوله الجبال شامخة، وشمنا غديراً ينصبُّ من أعلى كشلال، ويتكسر على الصخور بقوة عظيمة، حتى يصب في تلك البحيرة المذكورة صانعاً عليها قوساً منحنياً، ويسمى الجبل الذي ينحدر منه ذلك الغدير بالقرن الأسود، وارتفاعه عن سطح البحيرة ٣٥٠ متراً وكلمة جيسباخ معناها (الغدير المنصَبّ).
[إلى لوتسرن]
هذا ولما انتعشت منا الخواطر بحسن تلك المناظر، مددنا يد الوداع راجين عودة التلاق بعد ذلك الفراق، فبارحت ذلك الموضع قاصداً مدينة لوتسرن وبينما ينهب القطار الأقطار إذا رأيت من نفسي بعض توعك فعرجت على قرية وسط الطريق تدعى ميرنجن ونزلت بأوتيل بها صغير قد أقيم من الأخشاب، دعوني سادتي أصف لكم قاعاته التي ما وجدت أطرب منها مدة حياتي، تميل حيطانها ولا تمايل الأغصان، إذا تحرك به الإنسان، فهي في الواقع كما قيل في وصف المثيل.
تُسارِرُها هَفَوات النسيم ... فتصْغي بلا أذن سامعة
وأخشى بها أن أقيم الصلاة ... فتسجد حيطانها الراكعة