في القرون السالفة غير كافية لمعيشة أهلها كان يهاجر كثير منهم إلى الممالك التي حولها طلباً للرزق، ثم يعودون بما اكتسبوه، وقد اتخذت الممالك كثيراً منهم في خدمتها لما رأوه فيهم من القوة وطيب الأخلاق، ومن ذلك أن لويز السادس عشر ملك الفرنساويين أعد منهم فرقة لحرسه الخصوصي ثقة بأمانتهم وخوفاً من الفرنساويين، إلى أن حصل الانقلاب الكبير بفرنسا، حيث قام الفرنساويون على ملكهم هذا، وأرادوا عزله على ما كان عليه من حسن السير وسماحة السجية، فدافع عنه حرسُه الخصوصي المنتظم من أهل سويسرا حتى قتلوا جميعاً، وكانوا ٢٦ ضابطاً و٨٦٠ نفراً عسكرياً، وكان ذلك بمدينة باريس في ١٠ أغسطس سنة ١٧٩٢ ميلادية، ولأجل ذلك أقامت أهل سويسرا هذا التمثال تذكاراً للذين فدوا سيدهم بأنفسهم، وكيفيته عجيبة جداً، وذلك أنهم نقروا في صخرة من جبل كهفاً فيه تمثال أسد رابض ميت، وهو قطعة من تلك الصخرة طوله ٢٨ متراً ونصف، وبيده طِرْس عليه علامة عائلة ملوك فرنسا المسماة بالبربون، وبظهره قطعة رمح منغرزة إشارة إلى أنه قد أصيب به، ومكتوب فوق ذلك الكهف هذه الجملة اللاتينية ومعناها لأمانة وشجاعة أهل سويسرا ومَرْقومُ أدناه أسماء الضباط الذين قتلوا بهذه الحادثة.
[بحريات وأنهار]
وشاهدت أيضاًَ محلاً فيه صخور عظيمة منقورة كأنها الأجران،