طريق ساروا بها. فكيف ترون سادتي فائدة هذا المبلغ الصامت الجالب لانقيادهم بأدنى سهولة؟ ولو نظرنا نظر تبصر إلى كثير
من مثل تلك الأحوال الاجتماعية لعلمنا حكم وجوب تعميم التعليم في المدن والقرى.
هذا ولما أدبرت عساكر الليل، وأقبل النهار براياته بارحت تلك البلدة بطريق البر مودعاً شواطئ نهر الرين، ولي شغف بجميل مناظرها، ومحاسن مواقعها.
أما سكان تلك الشواطئ فشمتهم سميحي الأخلاق، بشوشي الوجوه ملاطفين، يغلب عليهم بعض الطيش وخفّة الحركة، ولغتهم - كما لا يخفى - ألمانية، ولكن لهم لهجة مخصوصة تخالف اللهجة البرلينيّة، فتراهم يلفظون الألفاظ ملء أفواههم مع التفخيم، وتطويل بعض المقاطع والإسراع في أخرى، ولذلك كنت شغوفاً بكثرة التكلم معهم، وسماع ألفاظهم التي كادت أحياناً تميلني ضحكاً.
الوصول إلى فيسبادن
ودخول الحمّام الروماني
ولنرجع إلى حديثنا فنقول: ولم يزل الوابور يقذف بنا في بلاد وقرى لا أهمية لذكرها إلى أن وصلنا إلى مدينة فيسبادن المشهورة بحماماتها فنزلت بها منتصف النهار، ومكثت بها يومين للتريض بحدائقها الجميلة، والتعرف بأحوالها، وأول ما قصدت مشاهدته فيها الحمَّامات الصحية، فدخلت أشهرها بعدما أخذت تذكرة مرقوماً عليها نمرة خَلْوة للاستحمام، ثم